بعد أحداث11 سبتمبر والاحتلال الأمريكي لأفغانستان، بمساعدة إيرانية، اتضحت السياسة الفارسية أكثر من السابق حيال العرب والمسلمين بمعناها السلبي والعدائي، حيث أعلنت إيران ومن خلال قنواتها الرسمية عن المساعدات التي قدمتها للقوات الأمريكية ضد أفغانستان الجارة المسلمة. ولم تقف السياسة الفارسية عند هذا الحد وإنما كانت مشاركتها في احتلال العراق وإثارتها للحرب الطائفية بين شعبه أكثر عدوانية وأكثر وقاحة من تلك المساعدات التي قدمتها لأمريكا ضد أفغانستان. بعد أن تخلصت إيران من الجارتين أفغانستان والعراق وتمددت داخلهما، اتجه النشاط الإيراني داخل الدول العربية على حساب السيادة والأمن القومي وتدخلت في التفاصيل اليومية لحياة المواطن العربي. أصبحت القضية الفلسطينية أكثر ارتهاناً من السابق عند إيران وأصبحت بعض الحركات الفلسطينية تتحرك بأوامر إيرانية حيث افتقدت القضية الفلسطينية بعض قدسيتها عند المسلمين وأصبحت ورقة رابحة بيد الفرس يلوحون بها متى ما شاءوا. أما لبنان فباتت ساحة خصبة للمشروع الفارسي بفعل عناصر حزب الله وحركة أمل. وانتقل حلفاء إيران من موقع المعارضة إلى موقع الحاكم الفعلي للبنان وهذا يعد انتصاراً آخر لصالح المحور الإيراني. وبدون الدخول في تفاصيل العبث الإيراني في الشأن اليمني والكويتي والمغربي، حيث بات عبثها يتصدر أخبار القنوات والجرائد اليومية. كل هذه الأحداث تعكس مدى الاكتساح الإيراني للساحة العربية وتغلغله فيها ومدى تأثيره على كثير من القرارات والأفعال السياسية. إلى أن جاءت أحداث الربيع العربي فحاولت الدولة الفارسية أن تركب الموجة وتمتطي الثورات العربية لصالح مشروعها، وسعت جاهدة أن توهم الشارع العربي بأنها داعمة ومساندة لثوراته من خلال بعض تصريحاتها الهزيلة. لم تكتف إيران بهذا القدر من العهر السياسي وإنما أوعزت لعملائها في البحرين لإثارة الشغب والاضطرابات وزعزعة الأمن والاستقرار. فرفع صور خامنئي رأس الهرم في السلطة السياسية الإيرانية خلال الاضطرابات في البحرين خير دليل على وجود مشروع إيراني خبيث يستهدف البحرين. ورغم هذا جندت إيران جميع قنواتها الإعلامية وتوابعها في الوطن العربي لإيهام العالم بوجود ثورة في البحرين على غرار تونس ومصر. كل هذه التصرفات السياسية تحدث على مرأى ومسمع الأنظمة ولا تحتاج إلى مجهر سياسي أو استخباراتي لكشفها. هذه الأحداث والوقائع تدلل على نجاح المشروع الفارسي المجوسي المبني على الطائفية في الوطن العربي وتبرهن على الضعف والوهن اللذين وصلت إليهما الدول العربية. حيث انحصر دور الدول العربية شيئاً فشيئاً وأصبحت غالبيتها عاجزة عن صيانة أمنها داخل حدودها السياسية. مع كل هذه التجاوزات للدولة الفارسية وتماديها بحق الدول العربية، مازال نفر غير قليل من العرب يدافع عن إيران وأفعالها المشينة وينعتها بالمقاومة والممانعة. إلى أن اشتعلت الثورة السورية فأصبحت نقطة مفصلية في تاريخ المنطقة. أعلنت إيران الدولة الفارسية وصاحبة الفكر الصفوي عن دعمها لمافيا الأسد ضد الشعب السوري ونفذت بالأفعال قبل الأقوال هذه السياسة العدوانية تجاه الشعب العربي السوري. وأمدت المافيا الأسدية بالسلاح والعتاد ودعمتها اقتصاديا ولوجستيا وساندتها سياسياً وإعلامياً. أما الأنظمة العربية لم ترتق إلى أدنى مستويات المسؤولية تجاه الشعب السوري والثورة السورية. وكانت مواقفها وقراراتها تنم عن ضعف وتردد دائماً. وفي غالب الأحيان تأتي متأخرة في اتخاذ قراراتها ومن بعد الدول الغربية وتركيا. هذا واقع تعيشه الأمة العربية، حيث يمكن للإنسان المراقب أن يرى وبعين مجردة أن الشعار الذي أطلقته إسرائيل من النيل إلى الفرات حققته إيران حتى وإن لم تلتزم به فزادت عليه بعض الشيء من الجرائم والانتهاكات وتمددت أكثر من الحلم الصهيوني. ولكنْ هناك سؤالاً يُطرح: متى تملك الأنظمة العربية إرادة سياسية كي تتخذ قرارات بمستوى دعم الثورة السورية عسكرياً ودعم القضية الأحوازية وتقليم أطراف إيران في الوطن العربي حفاظاً على أمنها القومي ومصالحها السياسية؟