لطالما ظلت ألقاب الأندية السعودية مثار جدل دائم ومستمر بين الجماهير السعودية بمختلف ميولها، على الرغم من اتفاقها على مجموعة منها كانت قد اكتسبتها بعض الأندية وفقا للإنجازات التي حققتها أو الأولويات التي تميزت بها في سنوات مضت، وطفت مؤخرا إلى السطح ظاهرة الصراعات حول الألقاب التي أفرزت تنافسا جماهيريا خاصا دلف إليه مجموعة من الإعلاميين والكتاب الذين انساقوا خلف الموجة وأصبحوا جزءا من الدائرة التي يدور حولها خلاف ساخن، يراه كثيرون هامشيا ولا يحقق المصلحة لأي طرف. وبينما يحتدم النقاش هذه الأيام حول بعض المسميات التي يتشبث بها أنصار الفرق الكبيرة، تطرح «عكاظ» على مائدة النقاش مع مجموعة من النقاد جملة من التساؤلات حول قيمتها وتأثيرها والمعايير التي تنطلق منها، فضلا عن تأثير التنافس الساخن والمثير للجدل حول بعض الألقاب، فكانت هذه المحصلة: يبدي الناقد والمحلل الرياضي الدكتور مدني رحيمي معارضته واستغرابه من اندفاعنا خلف الألقاب سواء على مستوى الفرق أو اللاعبين فأصبح كل معلق أو مؤرخ يوزع الألقاب هنا وهناك بحثا عن الوصول لتحقيق أهداف خاصة به فأصبحت الألقاب ثقافة يراد بها تلميع أنفسهم للوصول لغاياتهم فتسببوا باختلاط الغث والسمين داخل أنديتنا. وأضاف رحيمي «هناك ألقاب منطقية تطلق على بعض الأندية تدل على أقدميتها أو تكون ألقابا جاءتها من أعلى سلطة مثل لقب نادي الوطن الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين على الاتحاد، وهنا بات أمرا يحق أن يفاخر به كل اتحادي، ولكن أن تكون الألقاب موجة يقاتل بعض المؤرخين لمنحها لمن يريدون من الأندية من أجل إرضاء المسؤولين فيها للوصول لأشياء في أنفسهم فكانوا سببا في ارتفاع عدد ألقاب بعض الأندية فحولوا الموضوع برمته إلى تنافس مضرته أكثر من منفعته، وقس على ذلك الألقاب المجانية التي تمنح من قبل بعض المعلقين لبعض اللاعبين في أول ظهور لهم فأسهمت في غروب شمس نجوميتهم مبكرا فخسرتهم بالتالي الكرة السعودية». فوضى وتسويق ويرفض عضو شرف نادي النصر طارق بن طالب وجود هذه الألقاب بين أنديتنا التي أصبحت موضة فكل واحد يطلق لقبا على ناديه حتى وصلت الألقاب لبعض أنديتنا أعدادا كبيرة يصعب حصرها ومع الأسف أن المسؤولين والإعلام ومعهم الجماهير صدقت هذه الألقاب وحرصت عليها فتسببت بإضاعة كرتنا التي استمرت في تدهورها ونحن نشغل أنفسنا بألقاب لا تسمن ولا تغني من جوع. واستغرب ابن طالب ظهور عدد من الألقاب غير المستحقة لبعض الأندية ومنها لقب نادي القرن، مؤكدا أن بعض الجهات تمارس معنا استغفال عقولنا، وهذا ما يؤكد أن هناك جهات استغلت هيامنا في الألقاب فأصبحت ترميها على أنديتنا لأسباب تسويقية ونحن نطير معها في «العجة» ونترك الاهتمام بتطوير رياضتنا لتصل للمستوى المأمول. ألقاب تاريخية ولا يمانع الإعلامي الرياضي خالد دراج تنوع ألقاب الأندية، مؤكدا على اختلاف نيلها تلك الألقاب فهناك ما هو لقب تاريخي يدل على اسم النادي المقصود فيرتبط به دون ذكر اسمه، كما أن هناك ألقابا لبعض الأندية منحت من شخصيات اعتبارية، فعلى سبيل المثال لقبا نادي الوطن وسفير الوطن منحا للاتحاد والأهلي من أعلى سلطة في الدولة فهذه الألقاب لاشك أنها ستظل دائما محل تفاخر بها من كل منتم لهذين الناديين، وهناك ألقاب منحت لبعض الأندية محاكاة لغيرها لكنها لم تأخذ الشهرة المتوقعة لها بين جماهير الكرة وهنا يجب أن تترك هذه الأشياء للجماهير فهي من تقرر أحقية الفرق بهذه الألقاب من عدمها. ويصف قائد المنتخب السعودي ونادي الهلال سابقا صالح النعيمة الألقاب التي وزعت دون هوادة على أنديتنا بالدخيلة على رياضتنا ومسميات أنديتنا لأنه يفترض أن تفاخر جميع الأندية بأسمائها الأصلية التي عرفت به، ولكن هناك من رأى بقصد أو بغير قصد أنه بإطلاق الألقاب على ناديه سيمنحه صيتا وسمعة يشتهر بين غيره من الفرق وبالتالي سيكسب من أطلق اللقب على هذا النادي أو ذاك شهرة واسعة سواء على المستوى الإعلامي أو الجماهيري، وحقيقة يجب أن نقف مع أنفسنا وقفة صادقة ونقيم تلك الألقاب التي عمت جميع الأندية فمن وجهة نظر خاصة أرى أنه ليس هناك زعامة ولا عالمية ولا غيرها من الألقاب. وأضاف النعيمة إذا كنا نود السير على هذه الخطى فإن نادي الهلال هو الأحق بالعالمية بعد أن تأهل لها ولكنها ألغيت لإفلاس الشركة وهو حدث ليس للهلال ذنب فيه، وكذلك هو الزعيم الحقيقي للكرة السعودية باعتبار أنه أكثر الفرق تحقيقا للبطولات بجميع مسمياتها وهو في كل عام يفرح جماهيره ببطولة وبمنجزات لم يلحقه بها غيره، ولكن دعونا من هذه المسميات ونبحث عن عودة قوية للكرة السعودية التي وبكل أسف شهدت انخفاضا رهيبا في المستويات الفنية لفرقها جعل المتابعين وأنا واحد منهم نهجر متابعة مسابقاتنا لدرجة أنني لم أتابع في هذا الموسم سوى مباراة الهلال والنصر على نهائي كأس سمو ولي العهد بحكم التنافس التاريخي بينهما فاستطاعا تعويضنا بما قدماه عن سوء مستويات هذا الموسم وكان كل فريق يستحق كأسا لوحده، أما بقية المباريات فحقيقة بعد ابتعاد الأربعة الكبار الهلال والأهلي والاتحاد والشباب عن مستوياتهم فلم يعد هناك ما يستحق الاهتمام والمتابعة. هيبة واهتمام ويرى محلل القنوات الرياضية السعودية حمد الصنيع أن الألقاب هي في النهاية ألقاب جماهيرية لا تأخذ طابع الرسمية وهي ناتجة من محبة الجماهير وعشقها وارتباطها بأنديتها والأهم أن تهتم الإدارات بتحقيق الإنجازات لتستمر هيبة الألقاب بدلا من تكرارها لتتوافق المسميات مع الإنجازات. وأضاف الصنيع «الألقاب التي نالها ناديا الاتحاد والأهلي بصفة رسمية ومن أعلى سلطة في البلاد الذي أعطى الرياضيين من متابعته ووقته فهي بلا شك ألقاب ستبقى على مر الزمن نبراسا للمنتمين لهما بصفة خاصة ولعامة الرياضيين في المملكة». ظاهرة عالمية في المقابل، يؤكد الكاتب الرياضي ورئيس نادي الكوكب بالخرج دباس الدوسري أن الألقاب ليست ماركة خاصة بنا فهي منتشرة في كل دول العالم فلا مانع من ظهور بعض الألقاب التي تخص الأندية السعودية وتعرف بها وتدل عليها حينما تذكر فهذه مسألة ليس من ورائها ضرر. وأكد الدوسري تحفظه على بعض الألقاب التي منحت لبعض الأندية قائلا «حقيقة أتحفظ على إطلاق لقب العالمي على نادي النصر والمونديالي على نادي الاتحاد بمجرد أنهما شاركا في بطولة الأندية العالمية وحتى لا تحمل الأمور أكثر مما تحتمل فأنا أؤكد رفضي أن يطلق هذان اللقبان على أي ناد سعودي مهما وصل وشارك فيها فنحن كرتنا تعد ضعيفة على المستوى الآسيوي ولم تستطع فرقنا إثبات وجودها في الاستحقاقات الخارجية المختلفة، فكيف بمقارنتها بالعالمية هل لأنها شاركت في هذه البطولة، فإذا كان هذا هو الفيصل فمن باب أولى أن نطلق على منتخبنا الذي تأهل أربع مرات لكأس العالم بالمنتخب العالمي، فالأفضل أن نبقي على الألقاب المنطقية التي عرفت بها أنديتنا بين الجماهير ووسائل الإعلام بدلا عن وضع ألقاب تفوق إمكانياتها وإنجازاتها». ويرى الحكم الدولي السابق معجب الدوسري أن ظاهرة إطلاق الألقاب على الأندية السعودية هي ظاهرة طبيعية وحق مشروع لها في ظل امتلاك العديد من الأندية لقاعدة جماهيرية تحب أن تتغنى بفريقها المفضل فتطلق عليه الألقاب الرنانة تغزلا في معشوقها. وأضاف الدوسري «المهم ألا يؤثر بحث إدارات الأندية عن الألقاب على سير عملها وتخطيطها في إعداد فريق ينافس وبقوة على البطولات والاستحقاقات المختلفة حتى لا يكون حضور فرقنا متوقفا على الألقاب دون نتائج تشرف». تشويش وإشغال من جانبه، اتهم عضو مجلس إدارة نادي النصر سابقا عبدالعزيز الدغيثر الأندية بالبحث عن الألقاب من أجل إشغال الرأي العام عن إخفاقاتها فأصبح صراع بعض الأندية عليها أكبر من صراعها على تحقيق الإنجازات والبطولات. ولم يخف الدغيثر عن ارتباط بعض المسميات القديمة بأندية تدل عليها وتعرف بها ولكن أن يصل الأمر إلى استحداث ألقاب للأندية مع إشراقة شمس كل صباح فهذا مرفوض تماما وقال «هناك أندية عرفت بألقاب ارتبطت بها، فمثلا لو أخذنا نادي الاتحاد باللقب الذي عرف وهو العميد دلالة على عمادته للأندية السعودية فهذا أمر معروف ومقبول ولا ضير فيه، عموما لا أرى في بروز ظاهرة الألقاب للأندية السعودية إلا نوعا من التهريج وإشغال الرأي العام الرياضي بصراعات لا تفيد حاضر الكرة السعودية ولا مستقبله». معايير ومسوغات ويرى عبد العزيز الموسى المشرف العام على فريق كرة القدم بنادي القادسية أن الألقاب موجودة في أغلب الفرق وفي كل مكان ولا ضير من وجودها بشرط أن يرتبط اللقب ببطولات ومنجزات تؤكده أما غير ذلك فلن تمنح الألقاب فريقا بطولة أو منجزا حتى تشغل إدارات الأندية الجميع بمطاردة لقب من أجل تأكيده وتترك أهم عمل لها وبالتالي تذهب الإنجازات لغيرها بدليل أن فريق الفتح عندما تحقق له الاستقرار الإداري والفني وتفرغوا للعمل أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلم تاريخي يحسب لهم وتركوا للبقية المعاناة والحسرة والبحث عن أشياء لا تفيدهم». ويؤكد خالد الطخيم رئيس نادي الدرعية أن الألقاب ما وجدت إلا لتحريك عواطف الجماهير وحقيقة ليس في وجودها مشكلة متى ما كان اللقب مستحقا وبشرط ألا يكون لقبا أطلق على ناد ما فتدخلت أندية أخرى معه في الخط، وفي الأخير فإن الألقاب مهما كبرت لا تساوي شيئا في ظل غياب البطولات والمنجزات التي هي من يمنح ناديا معينا لقبا يقاس بحضوره وتعدد بطولاته وتشريفه للكرة السعودية في المحافل الخارجية أما غير ذلك فالجماهير على درجة كبيرة من الوعي لن تنطلي عليها مطاردة لقب دون إنجاز يذكر.