أثارت الاستفتاءات التي أجريت في السنوات الأخيرة من جهات وشركات عدة حول أكثر الأندية جماهيرية لغطاً كبيراً بين الرياضيين، ففي الوقت الذي أيدها مجموعة منهم عارضها آخرون، بينما شككت فئة ثالثة في مصداقيتها أو صحتها استناداً إلى عدم سلامة الآلية المتبعة في استخراج نتائجها، وظهرت آراء أخرى أشارت إلى أن الواقع الممثل في الحضور الجماهيري هو الفيصل في حسم الأمر. أول الاستفتاءات إثارة هو استفتاء شركة «زغبي» الذي أعلنت نتائجه في 2008 وكان الشرارة التي أشعلت صراع الجماهيرية بشكل فعلي، وبعد أن هدأت عاصفة الاستفتاء عادت الإثارة من جديد من خلال إعلان شركة موبايلي الشريك الاستراتيجي لنادي الهلال أن الفريق «الأزرق» هو الأكثر جماهيرية، قبل أن تشعل شركة ديهاتسو شرارة الحديث ليبلغ أوجه عند ما أقامت حفلة موسعة استضافت فيها شخصيات رياضية عدة وأعلنت فيها نتائج الدراسة التي أجرتها لأكثر الأندية جماهيرية. ا يصف المحلل الرياضي وعضو مجلس الإدارة السابق في نادي الهلال عادل البطي ما تقوم به شركات الاستفتاء حول أكثر الأندية جماهيرية بالجدل «البيزنطي»، مشدداً على أنها لن تقنع أي فئة «الاستفتاءات التي تقوم بها الشركات لن تقنع أي مسؤول أو مشجع، وما يعقب النتائج هو جدل «بيزنطي» مهما كانت الجهة التي قامت به من مصداقية واحترافية في العمل الاستفتائي، خصوصاً أن الشركات ربحية، لذا لن تقتنع أي مشجع بنتائج تلك الاستفتاءات وسيظل الجدل قائماً ما قامت تلك الاستفتاءات». ويؤكد البطي أن قناعته الشخصية حيال الأكثر جماهيرية تصب في مصلحة الهلال الذي لا تقارن به أي جماهير، خصوصاً في السعودية والخليج لاعتبارات عدة: «لا أشك في أن نادي الهلال هو الأكثر جماهيرية في السعودية والخليج لاعتبارات البطولات على مدى التاريخ، إذ إن الهلال هو النادي الوحيد الذي لا يغيب عن البطولات منذ زمن طويل، ما جعل الفئات السنية يتعايشون مع الهلال ككيان اقترن بالبطولات ولذا شركة زغبي وغيرها من الشركات التي قامت بالاستفتاءات، وما أعلنته هيئة المحترفين بأكثر الأندية بالقوة الشرائية أكدت جماهيرية الهلال بين الأندية، وعلى رغم ذلك لن تقنع الأندية الأخرى، لأنه لا يوجد لدينا إيمان أو قناعة بالإحصاءات والاستفتاءات، لأن التعصب طغى على تلك الأمور». أما الأمين العام لنادي النصر عضو مجلس الإدارة علي حمدان فشدد على أن جماهيرية فريقه تعد الأولى على المستوى المحلي، مشدداً على عدم اهتمام ناديه بمسألة الاستفتاءات الأخيرة التي أجرتها إحدى الشركات بخصوص الجماهيرية في السعودية والتي وضعت النصر في المركز الثالث، وقال: «الاستفتاءات التي أجرتها وتجريها شركات خاصة وغير حكومية رسمية تريد الوصول إلى أهداف معينة سواء كانت معلنة أو حتى مخفية وغير ظاهرة وفي النهاية هذه الاستفتاءات تحقق أموراً معينة يتم التوصل لها ولكنها في حقيقة الأمر لا تحقق شيئاً مفيداً للأندية، ونحن نتفق على أنه عند ما تهتم بعمل الإحصاء لجماهير الأندية فإنها لا تجرى عن طريق الاستفتاء أو الاستطلاع، لكن عند ما تريد أن تحدد مدى شعبية وكثافة أي نادٍ في العالم فأنت مطالب بالتصويت المباشر والذي يحدد فعلاً عدد جماهير الأندية من دون أي تدخلات بشرية أو خلافه». وعن الغضب الذي صاحب الاستفتاءات الأخيرة قال: «من حق هذه الشركات أن تصل للأهداف التي تسعى لتحقيقها متى ما أرادت لكننا نريد على الأقل أرقاماً رسمية ومقبولة ويتفهمها الجمهور بشكل علمي، وأنا لست ضد عمل هذه الشركات وإنما أتمنى ألا تحجب الشمس بغربال، خصوصاً في حق جمهور النصر الذي أعتقد أن شهادتي فيه تظل مجروحة وإلا فكيف بجمهور يملأ مدرجات ملعب الأمير عبدالرحمن بن سعود من خلال التدريبات اليومية ويصل عدد الحضور إلى أكثر من سبعة آلاف مشجع وهو بالمناسبة النادي الوحيد الذي يصل إلى هذا الرقم وقد يكون أضعافه في بعض المناسبات مثل ما حدث في هذا الموسم أو المواسم الماضية على مستوى الأندية السعودية، وأنا أعي تماماً ما أتحدث به وهذه ليست أموراً سرية ولم تحدث على المستوى العربي إلا مع النادي الأهلي المصري الذي يتمتع بكثافة جماهيرية موازية لما يحدث لنادي النصر، بل إن حضور بعض تدريبات الفريق الأول في نادي النصر يعادل ضعف حضور الجمهور في بعض المباريات الرسمية على مستوى أندية دوري زين للمحترفين أو بعض المباريات الأخرى». وعن عدم تدخل الرئاسة العامة لرعاية الشباب والاتحاد السعودي لكرة القدم في مثل هذه الاستفتاءات للإشراف المباشر عليها بشكل رسمي، قال علي حمدان: «أعتقد أن مشكلة الاتحاد السعودي بأنه لا يريد التدخل لأن هناك حساسية في مثل هذه الأمور، واتحاد القدم لديه كثير من الأعمال أهم من ما يطرح على الصعيد الإعلامي، بالتأكيد أنه يفترض إذا كنا نتحدث عن الاحترافية أن تسير مثل هذه الاستفتاءات بشكل طبيعي إذا كان يشرف عليها جهة رسمية كاتحاد القدم، لكن للأسف لأن هناك من التعصب الكبير والقوي والواضح في وسطنا الرياضي ولذلك أصبحنا نبدل ونغير في الأرقام كما نريد من أجل الوصول للأهداف التي نسعى لها، والاتحاد السعودي لكرة القدم أبعد عن الدخول في مثل هذه الأمور للاهتمام بما هو أهم منها من أجل عدم الدخول في مهاترات هو في غنى عنها». فيما رفض الأكاديمي الدكتور عبدالعزيز المصطفى الاعتراف بنتائج الاستفتاءات التي أجريت حول الأكثر جماهيرية، وبنى المصطفى رفضه على أسس علمية، وأكد في حديثه أن المنافسة حول الأكثر جماهيرية لو طبقت بشكل علمي فإنها ستحصر اللقب بين الهلال والاتحاد، ولم يخفِ المصطفى جماهيرية النصر والتي قال عنها إنها تأثرت بوفاة المرحوم الأمير عبدالرحمن بن سعود، كما شدد على أن نادي الشباب هو أحد أفضل الأندية من حيث النتائج، لكنه لا يملك قاعدة جماهيرية تنافس الأندية الأخرى. وقدم المصطفى مقترحاً لحسم الصراع بين الأندية قاطبة وقال: «حتى نحسم الصراع حول من هو الأكثر جماهيرية بين الأندية السعودية علينا تطبيق قاعدة العد، وأعني بها أن نقوم بعد جماهير كل الأندية طوال مباريات دوري زين بشرط أن تتساوى عدد المباريات بين ال14 نادياً ثم نحدد من النادي الأكثر جماهيرية». وزاد في تعليقه حول نتائج الاستفتاءات التي تمت من خلال شركات وقال: «كثير من الناس يعتقد أن نتائج الاستفتاء تكون دائماً عادلة، وهذا ليس صحيحاً أبداً بسبب عدم وجود آلية تحدد التوزيع، لأن الاستفتاء العلمي ينقسم لأقسام منها العشوائي ومنها الطبيعي وفي كل الحالات علينا أن نوجد عدداً مساوياً في أي عينة». وأضاف المصطفى: «كثير من الأسئلة لا يكون واضحاً، وفي الغالب يكون إيجابياً في الوقت الذي يفترض فيه أن يكون واقعياً وحيادياً، فمثلاً لو تم وضع سؤال من الأكثر جماهيرية الهلال أم النصر؟ فنحن أوحينا للمجيب بإحدى الإجابتين في الوقت الذي توجد أندية أخرى، وكان يفترض أن يوضع سؤال شامل عوضاً عن ذلك». وواصل المصطفى حديثه وحصر الأمر بين ناديي الاتحاد والهلال وقال: «بعد تجربتي الطويلة في الرياضة فإن جمهور الهلال والاتحاد هما الأكثر لأن الناس تجري وراء البطولات والإنجازات وخلال السنوات السابقة كان الاتحاد والهلال هما الأكثر حصولاً على الألقاب، فيما تأثر النصر بعد وفاة المرحوم الأمير عبدالرحمن بن سعود وابتعاده عن سجل البطولات، ومع ذلك يبقى النصر نادياً جماهيرياً». وتطرق المصطفى للجدل القائم بين الهلاليين والنصراويين حول أيهما الأكثر جماهيرية وقال: «أفضل تقييم لمثل هذه الحال هو تحديد عدد معين من مباريات الفريقين مع بعضهما بعضاً كعينة سرية وأخذ العدد الصحيح للحضور للمباريات وبعدها سنتعرف على من أيهما الأكثر جماهيرية». وتابع: «في السنوات السابقة لم يحضر الجمهور النصراوي بشكل كبير بسبب غياب الفريق عن البطولات عكس الهلال، وحديثي هذا أقوله بكل تجرد، وبحكم الموقع والداعمين أجد أن الهلال هو الأقرب كما أن هناك نادياً يجب ألا نلغيه من حساباتنا هو نادي الشباب الذي يعد من أفضل الأندية ولكنه لا يملك قاعدة جماهيرية». من جانبه، صادق عضو شرف نادي القادسية الرياضي جمال العلي على جميع الاستفتاءات التي أجريت من خلال الشركات، وأكد العلي أن الهلال والاتحاد هما الأكثر جماهيرية على مستويي السعودية والخليج، فيما وضع العلي نادي الفتح كأكثر الأندية جماهيرية على مستوى المنطقة الشرقية، وقال: «يجب علينا أن نتناول الأمور بعقلانية في مثل هذا الطرح، يجب أن نتجرد من عاطفتنا وميولنا، وإحقاقاً للحق فإن الهلال والاتحاد هما الأكثر جماهيرية بحكم نتائجهما في المنافسات المحلية والخارجية، والبطولات التي تحققت لهذين الناديين تجعلهما في مقدم الركب من حيث الأكثر جماهيرية، وهذا الأمر لا ينطبق محلياً بل يتجاوزه خليجياً، وبالتالي فإن نتائج الاستفتاءات التي أجريت من بعض الشركات تعبّر بصورة حقيقية عن الوضع تماماً». وزاد: «العملية ليست بالعاطفة بل هي بالعقل، فمن خلال الإحصاءات ولغة الأرقام نجد أن الهلال والاتحاد هما الأكثر بطولات، وبالتالي هما الأكثر جماهيرية». وفي تعليقه حول الأكثر جماهيرية على مستوى «الشرقية»، قال العلي: «سابقاً الاتفاق والآن الفتح، فالنتائج التي حققها الفتح جعلته يسحب البساط من تحت أقدام الاتفاق، وبالتالي فإن جماهير الفتح والأحساء وحّدت ميولها وبات الفتح هو الأكبر جماهيرية، كما هي الحال في جماهير الصالات، فإن الخليج الذي تقهقرت نتائجه تراجع للخلف، بعد أن كان في المقدمة، وبات مضر هو الأكبر جماهيرية كونه استحوذ على بطولات اليد، وهذا هو مقياس الجماهيرية في نظري، فالنتائج هي التي تتحكم في الأمر». من جانبه، عزا لاعب الهلال السابق والكاتب الرياضي فيصل أبو ثنين عدم قناعة البعض بالاستفتاءات إلى الجهل «الاستفتاءات تفضح جهل كثير من المنتمين للوسط الرياضي، فهي لا تعمل ولا تدفع مبالغ إلا لمعرفة اتجاهات السوق ورغباتهم وانتماءاتهم لأن كثيراً من الشركات يستفيد منها، فبعض الشركات يعلن وبعضها لا يعلن وهي باختصار تهدف إلى معرفة ماذا تريد السوق، والسعودية دولة مترامية الأطراف وتتنوع المناطق وبالتالي تختلف كل منطقة عن الأخرى في الرغبات وبيئتها والشركات تهتم بهذا الجانب لأن الأمر تسويقي بحت وليست فيه إثارة مشكلات، لكن بما أن الوسط الرياضي محتقن في الأصل فأي موضوع علمي أو ينتمي إلى الطرق العلمية فهو غير مقبول إطلاقاً لأن التعصب هو من يسير الوسط الرياضي، مع الأسف الشديد وأصبح البعض يلوي عنق الحقيقة لأنه يريد أن يسير الأمور على هواه، ولذلك أصبحت هناك فجوة كبيرة بين فرق تنافس وتحقق البطولات وفرق تبتعد عن البطولات وتضمحل وتنتهي، فمثلاً أندية الشعلة والنهضة وسدوس والنجمة كانت لها مكانتها وشعبيتها والآن ابتعدت وأصبحت من الفرق الثانية». وأكد فيصل أبو ثنين أن الاستفتاءات تحدث في العالم يومياً لخدمة المجتمع بشكل عام «الاستفتاءات الجماهيرية تحدث يومياً في دول العالم لأغراض متعددة لخدمة المجتمع لكن لدينا البعض يقول ما الهدف من الاستفتاءات فهم لا يريدون معرفة الحقيقة». وبين أبو ثنين أن الاستفتاءات لها فوائد عدة للأندية: «ليس الهدف معرفة ترتيب الأندية بل معرفة ما وصلت إليه فهل العمل يسير بالشكل الصحيح، وهل شعبيتي تتزايد أم تتناقص أم ما زالت مكانها، فهناك أندية تتزايد شعبيتها ما يدل على عملها الرائع فيما هناك أندية تتناقص شعبيتها وبالتالي هناك خلل في عملها ومع ذلك لا يزالون يكابرون وهذه مشكلة». وأكد أبو ثنين أن الاستفتاءات التي حاز الهلال فيها الأولية ظلمت الهلال «على رغم تحقيق الهلال المركز الأول في الاستفتاءات الأخيرة إلا أنها ظلمته لأنها تجاهلت الفئة العمرية دون السن ال12 سنة والتي حقق فيها الهلال بطولات عدة، فما ذنب الهلال حتى تحرمه من تلك الفئة».