كثيرون يعتقدون أن في تغيير وزير في قطاع معين يصلح من حاله، أنا على النقيض أعتبر أن الوزير ليس إلا رجل واجهة يمثل الجهاز الذي تسند إليه فيه المسؤولية، وإصلاح حال أي قطاع متعثر يحتاج ربما لشيئين: النظر في منظومة العمل والنظر في أداء وأوضاع قياديي المنظومة ومدى جدواهم من عدمها لأداء التنظيم بالمجمل.. لعلي هنا أحصر حديثي عن وزارة الصحة التي لو نظرنا لمنظومة العمل فيها لوجدنا أنها تواجه العديد من التحديات الكبرى التي تتعلق بالأداء وبالإنتاجية وبجودة ونوعية الخدمة من جانب، ومن جانب آخر غياب الرؤية والإستراتيجية للمنظومة الصحية وأزمة الإدارة والتنفيذ المزمنة.. في بلد نسبة الكادر الطبي الوطني لا تتجاوز ال 19% من مجمل الكادر الطبي العامل في قطاعنا الطبي العام تجد أكواما من الأطباء سواء كانوا استشاريين أو أخصائيين أو عامين يتسنمون مناصب إدارية في الوقت الذي الحاجة إليهم في العيادات والعمل الطبي ملحة بل وفي غاية الأهمية.. نظرة واحدة على خارطة المناصب الإدارية لوزارة الصحة لوجدنا أن مديري الشؤون الصحية ونوابهم ومديري المناطق ومديري المشافي ومديري العموم في ديوان الوزارة وكبار التنفيذيين من نواب للوزير أو مسؤولين عن قطاعات إنتاجية كالحاسب الآلي أو التشغيل والصيانة كلهم أطباء ياسادة ياكرام.. وهذا فقط قبل أن نفتي في منظومة العمل يعطينا فكرة عن الوضع في الرؤية وفي منهجية الإدارة والتخطيط للبرامج والتنفيذ لها على أرض الخدمة للجمهور.. السؤال هنا ماذا تتوقع من رؤية كهذه لتوظيف كفاءات طبية مكانها المشافي والعيادات والخدمة العلاجية التي استثمر البلد فيها ملايين على كل فرد منهم يوضع على كرسي إداري.. والعجب العجاب في الأداء من صغار موظفي الجهاز سواء في الوزارة نفسها أو في المناطق والمحافظات والمشافي.. مصيبة كبرى أن يفرغ بلد لا يتجاوز فيه حجم الكفاءات الطبية ال 19% من الأطباء بهذا الشكل بسبب فلسفة أزلية الله وحده يعلم من أسس لها من الوزراء السابقين أو اللاحقين وطوح بخطط العمل وأساليب إدارة الشأن الصحي في البلد المحدود القدرات في الكفاءات الصحية المتخصصة والتي مكانها الميدان لا كراسي الإدارة والفتوى في شؤون معظمهم لم يعرف في حياته شيئا عن أي شيء في هذا الشيء المسمى إدارة.. وإذا كان هناك شيء من اللوم فهو تكريس هذه الطامة الكبرى بخارطة تنظيمية تعظم من عدد النواب وكبار التنفيذيين والوكلاء والمساعدين ومديري العموم من الأطباء في الجهاز في الآونة الأخيرة.. أي أن الرؤية للقطاع الصحي وللجهاز وأدائه لاتزال تعمل بنفس الآلية التي في نظري تعد غير مجدية للصحة.. ماذا تتوقع من قيادي طبيب يفتي في مسائل إدارية صرفة لا يفقه فيها شيئا في الوقت الذي هو مكان إداري متخصص في الإدارة الصحية والمشافي، وهؤلاء بالمناسبة أعدادهم بطول قطار في البلد منهم وكيل متخصص يحمل دكتوراه واستاذ في جامعة الملك سعود في الإدارة الصحية كان وكيلا في وزارة الصحة تم إعفاؤه قبل سنوات ومن آرائه الشهيرة رؤيته بعدم صلاحية مديري الشؤون الصحية وأن معظمهم لا يفهم في الإدارة الصحية.. هذا يؤكد ياسادة ياكرام صحة كلامي لرجل عمل داخل الجهاز لفترة وخبر علله من الداخل وهو متخصص ويدرس الإدارة الصحية في الجامعة.. وهذا ما يجعلنا أمام أس المشكلة للمنظومة الصحية وما تعيشه من أوضاع.. نكمل الأسبوع القادم.. [email protected]