حقائق التاريخ وتجاربه تؤكد أن بقاء الطغاة بلاء، وأن رحيلهم فناء، ولكن التاريخ لا يعود للوراء!.. هذه الخلاصة لو طبقت على أرض الواقع في العديد من الدول التي يحكمها طغاة مستبدون قاهرون لشعوبهم، فإن الواقع يؤكد أن تلك الشعوب مبتلاة بأولئك الحكام، وأن سياساتهم القمعية وحكمهم الشمولي وقبضاتهم الحديدية وما يمارسونه من قهر وسحل وسجن وتعذيب ضد من يفكرون مجرد تفكير في الخروج على إرادتهم أو المطالبة بالإصلاح.. كل ذلك يجعل اقتصاد البلاد هشا، وروح العمل عند الشعوب ميتة، وأن اليأس يصبح الإحساس الذي يشمل أفراد المجتمعات في تلك الدول المقهورة، وعندها يميل كل شيء فيها إلى السكون الذي يشبه سكون المقابر، فيفرح بذلك السكون الطغاة ويظنونه فلاحا ونجاحا في بسط الأمن وتعزيز الاستقرار، ويفاخرون بذلك دول العالم الأخرى ليل نهار، ولكن دوام الحال من المحال؛ لأن زيادة الضغط أدت وتؤدي إلى الانفجار، فإذا اضطربت الأوضاع السياسية في تلك البلدان وقامت الثورة كما حصل من قبل في العديد من دول العالم، ولا سيما في آسيا وأفريقيا وسقط الحاكم الطاغية بعد مقاومة شرسة منه ومن أتباعه يفنى خلالها خلق كثير وتدمر المدن والقرى وتحرق المزارع وتدك المصانع وينتشر في كل زاوية الموت والخراب، فإنه يعقب سقوطه صراع مرير على السلطة بين قادة الثورة، فيصبح رحيل الطاغية فناء لكل شيء حتى يهتف مواطن ساذج في دولته قائلا «ليته بقي ولم يرحل!»، والأمثلة على ذلك كثيرة، ليس لأن الطاغية أفضل ممن جاؤوا بعده، ولكن لأنه لم يرحل حتى طبق سياسة الأرض المحروقة وزرع الأحقاد في نفوس أبناء الوطن الواحد، فمن كانوا معه وهو في سدة الحكم وطاردوا وسحلوا إخوانهم الثائرين عليه أصبحوا مطاردين ومطلوبين للعدالة أو للثأر من قبل المنتصرين على الطاغية، فتزداد الأحوال سوءا على سوء، ولكن التاريخ لا يعود للوراء، فالمصير المحتوم للأنظمة الطاغية هو الرحيل ولو بعد حين، وعادة ما يعقب رحيلها موت وصراع وفناء، فلا تسلم الشعوب من وجودها ولا بعد رحيلها، وكلما طال أمد بقائها في السلطة تجذرت وأصبح رحيلها أكثر دموية وأشد ألما وفناء، ولكن التاريخ لا يعود للوراء!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 6362 50 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة