كتب الفناء على البرية كلها والناس بين مقدم ومخلف حينما أناخت مصيبة رحيل نايف بن عبدالعزيز بكلكلها على القلوب تذكر الجميع أن القدر محتوم والأجل له كتاب مقسوم، فسلموا واستسلموا للقضاء، واستجابوا لمغادرته بلا اختيار منهم.. انقضت السنون التي قضاها الأمير في الحياة، وغرسها عملا للوطن، وبناء للمؤسسات، وصياغة للأجيال، وخدمة للدين.. كان نايف رضي النفس؛ لأنه عظيم، وجريء القرار؛ لأنه حر، وندي الراحة، لأنه عربي أصيل معطاء، وفصيح اللسان؛ لأنه سعودي، يأنف الضيم لأنه أمير.. وهو لم يبتغ من وراء هذه الصفات إلا خدمة الوطن، ولم يلمس هذه المعالي والمعاني إلا المواطن الآمن في هجرته أو قريته أو محافظته.. رحل نايف وجزع الجميع الذين لم يعوضهم فيه عزاء بكلمات تنثرها المحطات، ولكن ببقية إخوانه وأبنائه الذين سيحملون الراية ليتموا جهوده ويواصلوا مسيرته ويمدوه بالحبل الذي لا يقطعه موت ولا يوقفه رحيل، وهو الولد الصالح والصدقة الجارية والعمل الذي أسسه خدمة للسنة النبوية.. رحل نايف الأمير الذي أنشأ الكراسي العلمية والمراكز البحثية والمعاهد الأمنية، فاستظل الجميع بوارف الأمن، ورفل الجميع في سابغ النعمة.. رحل نايف وخلفه رجال يكملون المسير ويؤدون الواجب ويواصلون العمل.. كم رجونا نايف أن يبقى بيننا طويلا، ولكن لا خيار للبشر، بل الحكم لرب البشر.. رحل نايف في منظومة الراحلين العظام، فلحق بسلطان الخير، لكنهما باقيان بغراس الخير في وطن الخير.. بلاد تنجب الأبطال وتلد الرجال ويتبادل النجباء فيها الحل والترحال.. نعم نودع نايف والدمع ينهمل.. وهو يقول وداعاً سوف أرتحل.. وليس لبعده عن عالم الأحياء مرد.. رحل نايف بطل الأمن وأسد السنة بعد أن ساهم في صياغة شعب يتآلف في الخير، ويتحالف على البناء، ويتعارف على المواطنة، فصنع دولة كما يجب أن تكون الدولة، وخلفه جيل ورجال من إخوة وأبناء ومواطنين أمناء، فلن يعشي ضوء بلادنا الهادي ما دام عشاق الحكمة (عبدالله وإخوته) في الوجود.. رحل نايف وسيلقى حياة رضية وجنة علية.. هذه هي أمانينا وما عند الله خير وأبقى. * رئيس نادي جدة الأدبي