بعد أن خابت آمال بعض المعلمات في أن تتحقق توقعاتهن بنقلهن إلى الأماكن التي يرغبن الانتقال إليها، تعاطف مع خيبتهن تلك بعض الكتاب الذين أطلقوا عاصفة من الانتقادات الساخنة الموجهة إلى وزارة التربية والتعليم، التي يرونها غير معنية بحل مشكلات المعلمات، بل إنهم يصورونها كما لو أنها تتلذذ بتعذيب المعلمات بدفعهن إلى الاغتراب وقطع المسافات الطويلة والخطرة ليعلمن بنات القرى والهجر في أنحاء البلاد النائية والمتفرقة. من الحق أن المعلمات اللاتي يعملن في مدارس القرى والهجر البعيدة يشقين بعملهن ذاك، كما أنه قد يكون صحيحا بعض ما يقال عن وجود الوساطات أو غيرها من الأساليب الفاسدة التي تضيع حق بعض المعلمات في النقل، لكن هذا وإن حمل شيئا من الحق هو لا يمثل الحقيقة كاملة، يمثل جانبا واحدا فقط، ويبقى الجانب الآخر لا يعنى به أحد ولا يتحدث عنه أحد. الجانب الآخر أقصد به جانب بنات القرى البعيدة والهجر النائية اللاتي هن في حاجة إلى التعليم، وإن لم ترسل المعلمات لتعليمهن فإن مصيرهن البقاء في جهل. أي أن عمل المعلمات في القرى والهجر هو وإن كان يمثل مشكلة في حياة المعلمات إلا أنه يحل لوزارة التربية والتعليم مشكلة تعليم البنات في تلك الجهات. وبما أن القرى والمناطق البعيدة غالبا يكون عدد سكانها قليلا، فإنه من غير المتوقع أن يكون لدى مدارسها اكتفاء ذاتي في عدد المعلمات، وهذا ما يضع وزارة التربية والتعليم في موقف صعب، حيث لا يكون أمامها سوى ثلاثة اختيارات عسيرة: إما أن تعين المواطنات ليعلمن في تلك المدارس، وإما أن تغلق المدارس وتترك البنات بلا تعليم، أو تلجأ إلى التعاقد مع معلمات من البلاد العربية ليقمن بمهمة التعليم بدلا من المواطنات. ولأنه بعيد عن العقل والصواب والعدل ترك بنات القرى بلا تعليم أو ترك المواطنات عاطلات والتعاقد مع غيرهن، فإنه يضحي فرض عين عمل المواطنات من المعلمات في مدارس المناطق النائية. وأذكر أني قبل سنوات اقترحت رأيا حول هذه المسألة، وما زال يبدو لي مناسبا لحل المشكلة وتحقيق نوع من العدالة، وإن كنت أظن أنه قد يغضب البعض، وهو أن تعين كل معلمة في مقر إقامتها الأصلية، ويكون عمل المعلمات في المناطق النائية على شكل انتداب إلزامي لمدة عام دراسي لجميع المعلمات، وفي كل عام دراسي ينتدب العدد المطلوب من المعلمات (قديمات أو مستجدات) ليعلمن في مدارس القرى والهجر النائية، وخلال عام الانتداب يصرف للمعلمة المنتدبة بدل انتداب مجزٍ ويوفر لها سكن مؤثث ووسيلة مواصلات داخلية لتأمين احتياجاتها المعيشية. وبعد انتهاء العام تعود لتستأنف عملها في مدرستها السابقة كما كانت من قبل. في ظني أن هذا الحل يضمن العدالة ويقضي على الوساطات وغيرها، كما أنه يخفف كثيرا من معاناة المعلمات اللاتي يقضين سنوات طويلة في الاغتراب عن بلدتهن ومقر سكنى عوائلهن، إضافة إلى أن إقامة المعلمة خلال عام الانتداب في مقر المدرسة التي تعلم فيها يتوقع منه أن يقلل من احتمالات تعرضها لحوادث الطريق. فاكس 4555382-1 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة