أفرزت ظاهرة تعيين ناطقين إعلاميين للوزارات والمؤسسات الحكومية مشكلة حقيقة تتمثل في غياب المعلومة الدقيقة والمباشرة التي يبحث عنها المواطن الذي أصبح اليوم أكثر وعياً بما يجري في محيطه من حقائق ووقائع وأحداث من أي وقت مضى. أقول ذلك، في ظل السباق المحموم في تعيين ناطقين إعلاميين للوزارات والمصالح الحكومية البعض منهم لا علاقة له بالإعلام، والبعض الآخر ليس لديه القدرة في أن يتصل بصانع القرار الذي يرتبط به وظيفياً ليستجلي حقيقة موقف، أو يجيب على سؤال طرحه مواطن حفيت قدماه بحثاً عن خدمة يومية أو علاج لمشكلة تكبر ككرة ثلج، وعندما تأتي إجابة الناطق الإعلامي تجدها تدور في فلكين، إما نفي قاطع أو معلومات مقتضبة لا تسمن ولا تغني من جوع. وأمام الإجابات الفضفاضة والتساؤلات الحائرة، يقبع من يتربع على هرم المسؤولية بعيداً عن هموم الناس ومنغصات حياتهم اليومية يستمتع بهواء نقي وهدوء لا مثيل له، دون أن يكلف نفسه عناء الإجابة على تساؤلات الناس التي تضج بها وسائل الإعلام صباح مساء، وكأن ما لديه من معلومات وحقائق وأرقام وإحصائيات هي سر لا يجوز الإطلاع عليه أو الإفصاح عن مكنونه لكائن من كان. إن العلاقة الصحية لا يمكن أن تبنى بين المواطن طالب الخدمة، والمسؤول المعني بتقديمها في ظل هذا التباين، فالناطقون الإعلاميون رغم دورهم وجهدهم فإن مسألة تأهيلهم علمياً ومهنياً تظل ضرورة ملحة وفي الدرجة الثانية بعد مسؤولية الوزير في الخروج إلى الناس والحديث إليهم بشكل، وبلغة مقنعة، فكلنا مجندون لخدمة المواطن، ونتقاضى إزاء ذلك أجراً، ونتمتع بمزايا قل أن تجد لها مثيلاً في أي مكان في العالم. ومتى ما فهم صانع القرار ومن يتربع على عرش المسؤولية هذه الحقائق فإن مسألة تسطيح عقل المواطن وتقديم معلومات إنشائية لا تستند إلى أرقام وحقائق ووقائع ستصبح جزءا من الماضي، وبهكذا اهتمام وتفاعل مع مطالب الناس تصبح العلاقة بين المواطن والمسؤول إيجابية تنبت في أجواء صحية وتنمو وتتوطد يوماً بعد آخر.