يقول الرواة إن رجلا من الأعراب اسمه علي بن الجهم لما قدم على الخليفة المتوكل أراد أن يمتدحه فقال: « أنت كالكلب في حفاظك للود ... وكالتيس في قِراع الخطوب أنت كالدلو لا عدمناك دلوا ... » . فثار عليه أهل المجلس لظنهم أنه تعمد الإساءة للمتوكل لكن المتوكل عرف أن مقصده كان حسنا لكنه امتدحه بلغة الواقع البدائي الذي جاء منه فأمر بمنحه بيتا جميلا وبستانا على النهر وتعريفه على رفاهية الحياة المتحضرة، ثم استدعاه بعدها بفترة فوجد شعره صار رقيقا وراقيا. الوعي بدلالات هذه القصة يزيل الكثير من سوء الظن المتبادل بين ضفة من يصنفون أنفسهم كتقليديين محافظين وبين من يصنفون أنفسهم كمعتدلين يخالفون التقليديين لكنهم ليسوا معادين للدين ولا ملحدين بل على العكس هم يرون أنفسهم أنهم بنهجهم التجديدي يحفظون الاسلام من الطرف الآخر الذي يرون أنه يسبب الكثير من الحرج والتشويه للإسلام والتنفير عنه حيث باستمرار يبدو أنه يسيء من حيث أراد أن يحسن، فكثير من موجات هجوم كتاب الصحف وجمهور تويتر على بعض الوعاظ سببه أن في تصريحات أولئك الوعاظ نوعا من الفجاجة الجارحة للذائقة الاجتماعية والنفسية المعاصرة التي أدى ارتفاع مستوى التعليم والثقافة والتحضر لرفع مستواها بشكل كبير ولهذا ما عاد المجتمع يتقبل نوع الخطاب الذي كان مقبولا سابقا خاصة بالنسبة للإناث، ولهذا هذا الجمهور الحساس بات يفضل من يسمون بالدعاة الجدد لأنهم يراعون ذائقة المجتمعات المعاصرة. والمأساة تصبح مضاعفة عندما يتم اعتبار انتقاد هذا الخطاب المنفر إلحادا في الدين من جهة ومن جهة أخرى فغير المسلمين يظنون أن هذا الخطاب المنفر هو حقيقة الإسلام، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال : «إن منكم منفرين» . [email protected]