لعله في الماضي حينما كان أغلب الناس أميين ومصدر معرفتهم الوحيدة ما يسمعونه من الشيوخ كان منحى التشدد له أثر محفز للتدين، ونظرا لبدائية المستوى الفكري كان التركيز على الجانب الظاهري من التدين أمرا عفويا، لكن في العصر الحالي طرأ تغير جذري على هذه المعادلة وهذا وللأسف ما لم يستوعبه الكثيرون، فنحن في عصر يمكن فيه للمراهق الاطلاع على الأدبيات المناهضة لدينه والكتب الدينية والأفلام المبهرة سينمائيا للأديان الأخرى وكل ممنوع بضغطة زر، ولهذا توصف الأجيال الحالية «بالمفتحة» فحتى الطفل لم يعد يسمع ويطيع، وإذا أمر بشيء يسأل لماذا؟ ويصر على إنفاذ رغبته وإرادته هو، فوسائل التكنولوجيا الحديثة تربي في الطفل هذه الثقة والاستقلالية النفسية.. لهذا فالخطاب الديني المغرق في التشدد والسلطوية والتركيز على الظاهر والبعد السياسي والحركي للإسلام، ويهمل الجوهر والجماليات السلوكية والأخلاقية والروحية كأساس للتدين، أدى لتنفير الشباب المسلمين ناهيك عن غير المسلمين لدرجة الردة، وهنا نتوقف عند مثال مصعب 32سنة الابن الأكبر للشيخ «ح.ي» أحد مؤسسي حماس وحركة الإخوان المسلمين في الأراضي الفلسطينية وإمام وخطيب، لكن ولده مصعب ارتد عن الإسلام وغير اسمه لجوزيف وأعلن في مقابلته مع قناة «فوكس» الأمريكية المتصهينة أنه «يريد قيادة حملة عالمية لهدم الإسلام من الداخل»، وتحقيقا لمسعاه هذا جعل نفسه عميلا للمخابرات الإسرائيلية لعقد كامل وأدت عمالته لقتل واعتقال الكثير من الفلسطينيين ومنهم والده الموجود الآن في المعتقل الإسرائيلي حسب ما نشرته أخيرا صحيفة هارتس الإسرائيلية التي نقلت عن مصعب قوله «يتمنى لو كان في غزة ليلبس زي القوات الإسرائيلية للمساعدة في تحرير الجندي الإسرائيلي شاليط،..فقد بذلنا وقتا وجهدا لاعتقال هؤلاء الإرهابيين الذين يريدون الآن الإفراج عنهم مقابل شاليط».. والسؤال؛ ماذا حصل لمصعب؟ الذي كان يوما رئيسا للحركة الطلابية الإسلامية في الضفة، وبدأ صيام رمضان كاملا منذ سن الخامسة وداوم منذ طفولته على حضور الصلوات الخمس في المسجد وكان يحفظ القرآن ولا يقطع قيام الليل وكان من أطفال الحجارة في الانتفاضة الأولى واعتقله الإسرائيليون لأشهر وعذبوه لدرجة كسر فكه، ويقول إنه لا يزال يرى والده المثال الأخلاقي والإيماني الأكمل والأصدق ولهذا يحبه، فما الذي جعله يرتد؟ شاهدت مقابلاته لأعرف الجواب، فرأيته ككل المرتدين لم يرتد لقناعات عقائدية موضوعية إنما لسببين: الأول: الأثر المنفر للنموذج السلبي المتأزم الشائع للتدين خاصة في الوسط المتدين الحركي وافتقاره للمثاليات الأخلاقية الجوهرية، فتأثير والده عليه محدود لأن والده قضى أغلب عمره في المعتقلات الصهيونية، فمحيطه هو الذي رباه دينيا. وثانيا: لما حضر مناظرة مسيحية ونظرا لكون نمط تدينه كما السائد يركز على الظاهر والمظاهر ويفتقر للفهم الجوهري والفكري للإسلام وللمعرفة الموضوعية عن الأديان الأخرى أصابه الشك بسهولة فاقتنصته الجهات المتربصة وضمته للمسيحية الأمريكية المتصهينة، ومن يتابع الإنترنت يرى العديد من أمثاله. فبعد هذا ما جدوى النهج الذي يتضمنه الخبر «جمعيات خيرية في مكة تشترط إعفاء اللحى وحفظ جزء من القرآن وعدم امتلاك «رسيفر» لصرف الإعانات». «عكاظ» 18/4/1430ه؟!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 217 مسافة ثم الرسالة