اعتبر الباحث الدكتور عبدالله الفراج الأستاذ المشارك في جامعة الملك سعود، سلبيات منجم مهد الذهب لا تتوقف على الشأن الصحي والبيئي والمثبت علميا فحسب، بل تمتد إلى استغلال ثروات المنطقة حيث يستخدم ما يغطي حاجة 0021 فرد يوميا من المياه (بواقع 0 06 م3 يوميا/ 682 استهلاك الفرد في المملكة يوميا)، في وقت تشكو المحافظة من شح المياه الذي لا يصلها عبر مشروع السقيا ولا يكفي 02% من احتياجات الأهالي. وكشف في حوار أجرته معه «عكاظ» باعتبار دراسته التي تعد السبب في تفجير الشرارة الأولى لقضية التلوث في مهد الذهب، أن الشواهد العلمية والدراسات تثبت بما لا يدع مجالا للشك ارتفاع التلوث ووجود عناصر ثقيلة سامة، كما ترتفع الإصابات بالأمراض، مبينا أن القاضي رفض الاستماع لشهادته في الوقت الحالي. وفيما يلي تفاصيل الحوار: لازال التلوث في محافظة مهد الذهب غامضا، ما حقيقة الأمر؟ الحقيقة الواضحة التي لا لبس فيها وأثبتتها الدراسات العلمية التي تمت على تربة مهد الذهب، تظهر وجود مستويات تلوث عالية بالعناصر الثقيلة في المنطقة، وعلى سبيل المثال سوف أذكر نتيجة لآخر دراسة نشرت قبل شهر في مجلة Chemistry and Ecology، حيث أظهرت تركيزا مرتفعا للعناصر الثقيلة السامة (الرصاص والنحاس والزنك والكادميوم). وتجاوز تركيز عنصري الرصاص والنحاس الحدود المسموح بها، اعتمادا على مقاييس العديد من الدول. توصيات لم تطبق ما هي أبرز الأضرار الصحية الناجمة عن هذا التلوث؟ وزارة الصحة الأقدر على الإجابة على هذا السؤال، ومع ذلك وبمقارنة نسبة الفشل الكلوي في مهد الذهب مع الفشل الكلوي في السعودية كما ذكر تقرير مركز زراعة الأعضاء السعودي عام 1431ه، نجدها في مدينة مهد الذهب تزيد عن المتوسط السعودي بما يقارب 118%، وتزيد عن متوسط الفشل الكلوي في محافظة مهد الذهب ب 129%، وهذا الارتفاع في الفشل الكلوي في مدينة مهد الذهب مقارنة بالمحافظة أو المتوسط السعودي، قرينة أساسية للدلالة على الأثر الذي أحدثه تلوث مهد الذهب بالعناصر الثقيلة على الوضع الصحي لسكان مدينة المهد، لذا فمن المهم جدا دراسة الحالة الصحية لسكان مهد الذهب، خاصة وأنهم يشكون من انتشار حالات الربو والسرطان والتهاب العيون، ومن المهم أيضا الكشف على مستويات العناصر الثقيلة لدى السكان، وقد ورد ذلك كله ضمن توصيات اللجنة المكلفة من قبل صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير منطقة المدينة السابق، في محضرها عام 1428ه، ومع ذلك لم تطبق التوصيات حتى الآن. استنزاف المياه هل هناك آثار صحية أخرى للتعدين في منجم مهد الذهب؟ آثار التعدين وللأسف كثيرة عندما لا تتخذ الشركة المشغلة الاحتياطات اللازمة، ولعل من الآثار السلبية لصناعة التعدين، والتي لم تحظ بأي اهتمام وللأسف، بالرغم من خطورتها هي استهلاك المياه، وللأسف فإن منجم مهد الذهب يستهلك ما يقارب 500-600 متر مكعب يوميا، تمثل استنزافا مستمرا للمياه الجوفية، وهذه الكمية يمكن توفيرها للمنجم بالاستفادة من إعادة استخدام مياه الصرف الصحي في مدينة مهد الذهب بعد معالجتها، وبذلك نضمن التخلص من مشكلة بيئية تمثلها مياه الصرف الصحي بواسطة استخدامها في عمليات التعدين، وفي الوقت ذاته نوفر المياه الجوفية لمتطلبات الشرب والاستهلاك البشري في الطبخ وغيره، وتشتد الحاجة لذلك في السعودية حيث ندرة تجدد المياه، وقلة المصادر الطبيعية للمياه، واستخدام مياه الصرف معمول به في كثير من دول العالم، بل وتعمل به شركة معادن المشغلة لمنجم مهد الذهب في مواقع التعدين في الدرع العربي حيث تقل المياه الجوفية فلجأت لتوقيع عقد شراء مياه الصرف الصحي كما في محافظة الطائف، فلماذا لا يكون ذلك في جميع مواقع التعدين الأخرى، وخاصة في منجم مهد الذهب، حيث ظهر تأثير الاستنزاف المستمر منذ أكثر من 30 سنة على مستوى المياه الجوفية في محافظة المهد، وقد تضرر كثير من السكان من هذا الانخفاض. وهل من دور إيجابي للجهات الحكومية فيما يخص معالجة مشكلة التلوث في المهد؟ للأسف، باستثناء إمارة المدينةالمنورة فإن دور الجهات الحكومية ما بين سلبي بالتزام الصمت، أو مشارك للشركة المشغلة في التعمية على قضية التلوث، وعلى سبيل المثال فقد صدر قرار سمو أمير منطقة المدينةالمنورة السابق بإغلاق المرادم الحالية، وإنشاء أخرى بعيدة عن السكان كما ينص النظام البيئي السعودي، وبالرغم من صدور القرار في بداية عام 1432ه، فإن الشركة لم تنفذ القرار، والجهة المرخصة للمنجم (وزارة البترول) لم تحرك ساكنا بخصوص القرار. لا سماع لشهادتي ولكن ألا ترى أن الخلاف قائم حول قضية التلوث بدليل أن المحكمة الإدارية في جدة نظرت الأمر، ورشح أنه سيتم استدعاؤك للشهادة، ما صحة ذلك؟ نعم، سمعت بأن المحامي طلب سماع شهادة المختصين، وأن القاضي وافق على سماع الشهادة، ولكن بعد التواصل مع المحامي، أكد لي مطالبتهم القاضي بالسماع لشهادة المختصين، ولكن القاضي لم يوافق على السماح بالسماع في الوقت الراهن. *وهل من جديد في مجريات القضية لدى المحكمة الإدارية؟ القضية منظورة منذ ما يقارب ثلاث سنوات، وفي جلسة ذي الحجة الماضي طلبت وزارة البترول والثروة المعدنية إعطاءها فرصة تقديم تقارير بيئية لمنجم مهد الذهب، فأجل القاضي الجلسة إلى شهر صفر، ولكن الوزارة وللأسف لم تحضر تقارير بيئية، بل ذكرت أن ما لديها هي تقارير إنتاج للمنجم وليس لديها تقارير بيئية، وما ذكرته وسائل الإعلام إن كان صحيحا فهو خطأ ارتكبته وزارة البترول والثروة المعدنية، لأن نظام الاستثمار التعديني في المملكة، ينص في لائحته التنفيذية كما في المادة العشرين على: «إرسال تقرير سنوي للوزارة عن مدى تنفيذه لبرنامج المحافظة على البيئة والنتائج المتحققة من جراء ذلك». فالنص هنا واضح بإلزام شركات التعدين بإرسال تقارير سنوية بيئية لوزارة البترول والثروة المعدنية. ما هي حقيقة خطاب رئيس شركة معادن الموجه لجامعة الملك سعود بخصوص التلوث ودوركم في القضية؟ هذا السؤال يفتح جرحا مؤلما مر عليه أكثر من سنتين، فقد آلمني جدا ما ورد في الخطاب من تجن على الوطن والحقائق العلمية التي أثبتتها الأبحاث والدراسات العلمية، وهذا الخطاب سبقه خطاب آخر من رئيس شركة معادن لعميد كلية علوم الأغذية والزراعة، في عام 2008م يستنكر فيه قيامنا بالنشر العلمي لأبحاث تلوث مهد الذهب، وأتساءل عن الأسباب عندما تحاول شركة معادن ثني الباحثين عن النشر العلمي ثم تعقبه بهذا الخطاب لمدير الجامعة، والذي ورد فيه أن الشركة تعاقدت منتصف عام 1427 ه مع جامعة موموريال الكندية المتخصصة في علوم البيئة للتأكد من صحة ما ورد في البحث الذي قمت به حول المنجم ولدراسة مدى تأثير التربة المحيطة بالمنجم، مبينين أن الجامعة الكندية أشارت إلى أن السبب في ارتفاع تركيز العناصر الثقيلة في التربة عائد إلى الطبيعة الجيولوجية لمهد الذهب حيث أنها تقع ضمن نطاق حزام صخري متمعدن أساسا، وهنا استحضر بعض ما ورد في تقرير جامعة مموريال الكندية والذي ورد في صفحة 100، وتكرر التأكيد عليه في ملخص الدراسة والخاتمة، حتى يتبين مدى مجانبة الصواب في خطاب رئيس شركة معادن، فبينما يذكر رئيس شركة معادن أن تقرير جامعة مموريال يشير إلى أن ارتفاع تركيز العناصر الثقيلة عائد إلى الطبيعة الجيولوجية لمنطقة مهد الذهب، يشير تقرير الجامعة إلى عكس كلامه، فيذكر التقرير أن التلوث بسبب الأنشطة التعدينية في منطقة مهد الذهب ولأنها منطقة مفتوحة على المدينة، الشخصي. هذا هو الرد المجمل، فمصالح الوطن ومستقبله وطموح شبابه، يجعل المرء يحاول جاهدا أن يتجاهل الأمور الشخصية مقابل حق الوطن الأكبر عليه. ويستمر رئيس شركة معادن بمخالفة الواقع، فيذكر أن الدراسات لم تحدد مخاطر ذلك على السكان بينما التقرير صريح بأن السكان الذين يعيشون في هذه المدينة يواجهون تأثيرات مباشرة للتلوث بالعناصر الثقيلة ومخاطر أخرى ناتجة عن أنشطة التعدين حلول عاجلة ، فإذا أضفنا إلى ذلك محضر اللجنة المكلفة من أمير المنطقة السابق، والتي أقرت وجود تلوث في التربة بعناصر الرصاص والكادميوم والزئبق والزنك والنحاس، وقرار تشكيل فريق عمل للاطلاع على الإدارة البيئية بالمنجم ووضع الحلول العاجلة لتخفيف الأضرار البيئية وإعادة تأهيل المناطق الملوثة، هنا يأتي الرد على خطاب شركة معادن، الذي لم يحاول نفي التلوث فقط، بل أورد عكس ما أثبتته الدراسة الكندية في تقريرها، لذا فإن ما وجدته من تعامل شركة معادن مع حقائق علمية وأخطار تهدد ما يزيد على 16 ألف مواطن ومقيم في مهد الذهب، أقول هذا الألم تجاه أبناء وطني أكبر وأعز على نفسي مما ورد في خطاب شركة معادن في حقي