حاولت بقدر الإمكان تجاوز فترة الإثارة المشحونة كي أطرح وجهة نظري في المأزق الذي كاد أن يدخل فيه الصديق العزيز صالح الطريقي والكابتن فهد الهريفي، كل على حدة، خلال تعرضهما ولو من غير قصد لأخوتهم (البدو)، وكان لهذا التأجيل ثلاثة أسباب، أولها: إننا جميعا إخوة في الله وفي الوطنى ومثل هذه النقاشات البائسة تفرق ولا تجمع، وثانيها: أن الطريقي والهريفي ذكرا ذلك بحسن نية ولكن ذلك لا يعفيهما من مسؤولية الدخول في نفق عنصري بسرعة 200 كم في الساعة، وثالثها: وهو الأهم أنني أدرك بأن من يسمون اليوم بالبدو سقى الله ديارهم لا يقيمون وزنا لمثل هذه المناوشات الصغيرة، فبعيرهم منذ القدم لم يلتفت يوما إلى الوراء!. أعود لأقول بأنني شبه متأكد بأن الطريقي والهريفي لم يقصدا الإساءة العنصرية، ولكنهما وقعا في الحفرة لأنهما لم يحصنا نفسيهما جيدا، بالنسبة للكابتن الهريفي فقد اعتذر علنا وانتهى الأمر، ولكن المشكلة في صديقي وزميلي في هذه الجريدة صالح الطريقي، فأنا أعرف تمام المعرفة أن صالح أبعد الناس عن العنصرية، ولكنه يصر في كل مرة أن ينتقي ما يريد من نظريات علم الاجتماع ثم يسقطها بطريقة عجيبة على واقعنا اليوم؛ كي تكون المحصلة النهائية أن (البدو سبب الفساد)!.. أو في أفضل الأحوال أن: (الذهنية البدوية هي التي صنعت الفساد)!. وقد أوضحت في مقال قبل سنتين أن الزميل صالح يثير حفيظة الكثيرين بسبب خلطه العجيب بين روايات أخرجت من سياقها التاريخي، وبين فكرة لا علاقة لها بالواقع المعاش، فالفساد يقف وراءه أناس من مختلف الثقافات والانتماءات، بل إن من يسمون ب(البدو) اليوم بقوا لسنوات طويلة بعيدين تماما عن الجسم الإداري، وإذا أردنا الإنصاف فهم ضحايا للفساد أكثر من كونهم صانعين له!. لا شك أن من حق الزميل صالح أن يسقط نظريات علم الاجتماع على الواقع المعاش بالطريقة التي يشاء كي يقول الرأي الذي يراه صحيحا، ولكن من حقنا أيضا أن ننتقد أطروحاته، فنقول إنه حين يتحدث عن السلب والنهب يتجاهل عامدا متعمدا قانون الغزو عند العرب، والذي بقي صامدا منذ العصر الجاهلي حتى بدايات القرن العشرين، والذي أظن أنه أكثر إنسانية وشهامة من قانون الغزو عند الأمريكان على سبيل المثال ومعظم ما يتم تداوله اليوم حول السلب والنهب العشوائي لا علاقة له بوقائع التاريخ، وما هو أهم من ذلك أن الزميل صالح صحفي خبير، ويدرك أن استخدام مفردات من نوع (بدوي) أو (أعرابي) تثير انزعاج شريحة هائلة من المواطنين، خصوصا حين يتم إقحامها في موضع اتهام. عموما يقول المثل: (قال ما أكثر كلام البدو قال من كثر ترديده)، وما نأمله ونتمناه من زميلنا الطريقي هو ألا يكثر من ترديد هذه المفردات؛ لأنها لا تخدم الفكرة، بل تقودها فورا إلى الاتجاه المعاكس!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة