تمكن موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» من فرض سيطرته على الساحة بعد أن هدأت موجة موقع «فيسبوك» الذي فشل في جذب مزيد من المتابعين الشباب الذين تذمروا من تأخر تحديث الصفحات وبطء تحميل الصور، بينما وقع هؤلاء الشباب في حب «تويتر» الذي يحدث باستمرار ودون توقف، الأمر الذي يتناسب مع روح الشباب وتطلعهم نحو الخبر المحدث باستمرار والمختصر إذ لا تتجاوز «التغريدة» 140 حرفا فقط بمعنى أن كل تغريدة لا تحتوي أكثر من 25 كلمة تكون جملة «مفيدة» مختصرة وسهلة الهضم في زمن سريع الإيقاع لا يحتمل المط والإسهاب. ولا شك أن «تويتر» فكرة ملهمة تستحق التقدير والاحترام، فموقع «التغريد» الحر أصبح عنوانا لعصر جديد ولإسلوب مختلف في الكتابة والتأثير. ولكن لأننا نحن العرب مختلفون كعادتنا، والسعوديين كذلك لدينا دائما «خصوصية» خاصة جدا في كل شيء ، لذلك فقد ظهرت بعض «الظواهر» الغريبة والشاذة، فقد تحول هذا الموقع الاجتماعي الذي من المفترض أن يغرد فيه الشخص ويخبر أهله ومحبيه وأصدقاءه وزملاءه عن أحواله وأفكاره وما يدور في نفسه، إلى «ساحة معركة» ومكان لتبادل «الإشاعات» و «الشتم» و «القذف» و «الفتنة» وبث «الإرجاف» في المجتمع. وتحول «الهاشتاق» الذي تم إنشاؤه كفكرة من إدارة «تويتر» بهدف التركيز وتسليط الضوء على موضوع مهم إلى حفل «شتائم» فمن تتم «هشتقته» يجتمع عليه أهل «تويتر» لسبه وقذفه والنيل منه ومن عرضه ومن أصله وأهله ومن قبيلته أو عائلته وبث الإشاعات عنه وممارسة أفظع أساليب الإيذاء النفسي والمعنوي ولا ننسى بالطبع تكفيره وإخراجه من الملة والدين والعياذ بالله. للأسف تحول «التويتر» إلى «توتر» وبات هذا الموقع الرشيق والجميل آفة تهدد المجتمعات العربية بمزيد من التفكك والتناحر في مستقبل مظلم. وللأسف أن كل من يحمل شيئا ما في نفسه تجاه الآخر بات يدخل باسم أو أسماء مستعارة للنيل من هذا الآخر وتأليب المتابعين عليه وبالطبع «هشتقته» ليبدأ حفل «الشتم» .. لا أعلم أين ذهبت تعاليم ديننا الإسلامي التي لا تقبل بالغيبة والنميمة والشتم والقذف، ثم نأتي بعد هذا ونقول إننا نرغب في تكوين مجتمعات ودول «إسلامية»، وهل تتكون هذه بالمظاهر والعبارات دون «أخلاقيات» و «قيم». ومن المحزن أن هناك في موقع «التوتر» الاجتماعي «تويتر» من يطلق الشائعات ليلا ونهارا دون حسيب أو رقيب ويتابعه ملايين «المتابعين» أو «التابعين» كما يحلو للبعض أن يطلق عليهم. وهناك من يبث فكرا منفلتا وآخر يبث فكرا متشددا وآخر يدعو للتكفير والتفجير وهدم أبراج «الغرب» وآخر يدعو للفتنة والمجون والليالي «الحمراء». وهكذا بات «تويتر» ساحة غوغائية إلا من النخبة التي تستحق التقدير والاحترام ولكن نخشى من تبعات هذا الانفلات والغوغائية على المستقبل.. وشخصيا لن أطالب بوضع التسجيل في هذا الموقع تحت الرقابة كما دعا البعض قبل فترة، فأنا مع حرية الرأي والتعبير والاشتراك في المواقع ولكن وهنا كلمة «لكن» مهمة جدا، لا بد من وضع ضوابط فالحرية لا بد أن تكون مسؤولة فالانفلات بدعوى الحرية «فوضى عارمة» ولن تكون الفوضى أبدا «خلاقة» بل هي دائما «هدامة». ألجموا توتر «تويتر» قبل فوات الأوان وقبل أن تقع الفؤوس فوق الرؤوس، وحينها لا ينفع الندم ولا البكاء. Facebook: Hisham Kaaki