أبدى كثيرون استياءهم مما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي من عدم تقبّل الرأي الآخر، وليس ذلك فقط، بل وبهبوط مستوى الحوار الذي وصل إلى حد السباب والقذف، وذلك لمجرد اختلاف الرأي حول موضوع ما، وطالبوا بضرورة مراعاة احترام الآراء، ومعاقبة أمثال هؤلاء المسيئين. أصبحت ساحة معركة تقول سناء (طالبة في الجامعة): لقد حاولت الدخول لهذه المواقع ولكنني تفاجأت بالمهاترات والقذف التي بها، فقبل أن أدخل إليها قالت لي صديقة بأنه يجب أن أحدد ميولي قبل خوض هذه المعركة فإما أن تكوني تابعة لفريق إسلامي أو لفريق ليبرالي!.. ولكنني قلت لصديقتي هذه بأنني سأكون محايدة وسأنتقي ما يناسبني، ولكنني بعد فترة أغلقت حساباتي في هذه المواقع وقلت «تبًا للحمقى». وتضيف سناء: أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام ساحة معركة بين روادها يتبادلون فيها الاتهامات والألفاظ غير الأخلاقية بصوره سيئة فترددت المقوله «إذا انت لست معي فأنت ضدي»، فيما تعد مواقع التواصل الاجتماعي في كل الدول المتقدمة وسيلة للتحاور وتبادل وجهات النظر بين أبناء الوطن الواحد، ولكن للأسف لدينا تحولت إلى شجار «صبياني» بين عدد من مستخدمي هذه المواقع التي يفترض بها أن تكون منابر حوارية تسهم في الارتقاء بفكر المجتمع. فكرت بالرحيل ويقول الكاتب أحمد العرفج: إن شبكات التواصل الاجتماعي تعين على صلة الرحم واشعار الفرد بأنه يعيش في بيئة اجتماعية، وسبق لي أن فكرت بالرحيل عن تويتر لأنه لا يوجد احترام للرأي الآخر من بعض الأشخاص ولأن السب والقذف أصبح هو رد هؤلاء الاشخاص فلقد تحول الموقع إلى موقع للشتائم وقد عدلت عن رأيي بالرحيل رغبةً للكثير من متابعي تويتر الذين كانوا ضد خروجي منه. وأضاف العرفج قائلا: المواقع الاجتماعية لا تختلف عن السياق العام للمجتمع، فإذا كنا لا نحسن القيادة ولا نحسن التشجيع الرياضي ولا رمي النفايات في مواقعها، ستكون أيضًا مواقع التواصل جزءا من هذا الخلل الكبير في فوضى هذه المواقع. يجب التصدي للمخالفين وقال هشام حنبولي (محامي): يجب فعلًا التصدّي لظاهرة الإساءة في مواقع التواصل الاجتماعي ومنع عملية انتحال الشخصيات لأنه يؤثر في المتابعين لها، وأضاف أنه صار التتبع والملاحقة أسهل من ما مضى. وأوضح حنبولي أنه من ناحية قانونية اذا ثبتت مصداقية الشتم أو القذف في رسائل المواقع الاجتماعي وتم التعرّف على صاحبها فيحق أن يُحاكم. واشار إلى أن نظام جرائم المعلومات يصدر أحكامًا ضد المخالفين في هذه المواقع وفق ما يراه القاضي من تغريم وحبس وغيرها. العقاب هو الحل من جانبه قال الدكتور سعود كاتب (أستاذ الإعلام الجديد في جامعة الملك عبدالعزيز): إن مواقع التواصل الاجتماعي كشفت لنا أشياء يجب أن ننتبه له لانها ستؤثر، مثل العنصرية والقذف وعدم احترام الآخرين والتكفير بين أبناء الوطن. وأضاف: إنه يجب أن تُوضع عواقب رادعة وقانون محدد لمن يتجاوز حدوده في هذه المواقع لإيقاف المخالفين ولتظهر لنا هذه المواقع بصورة أجمل وتساهم في الرقي بالمجتمع. حولناها لساحات جدال وقال الكاتب الصحفي عضوان الأحمري: نحن الذين حوّلنا مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحات جدال وتخوين ونقاشات من اتجاه واحد، رغم انها في الأساس هي مواقع تواصلية بين المجتمع. وأضاف: إن الاتهامات المتبادلة بين التيارات في المملكة على هذه المواقع هي ردات فعل وتعتبر أدوات صراع يتم استخدامها للتصنيف. واشار إلى أن هذه المواقع اصبحت محاكمة للنيات والتركيز على الشخص دون الفكرة التي قالها، ولذا فإن المطلوب هو تفعيل حقيقي لنظام الجرائم المعلوماتية، فحينما تتم محاسبة شخص أو اثنين اخطأوا في هذه المواقع سوف يعتبر الآخرين، وفي الأساس تظل التربية هي اللبنة التي نستطيع من خلالها معرفة مدى تقبّل الشخص الآخر للنقاش. السجال وتصيّد الاخطاء الدكتور عبدالرحمن الحبيب (الكاتب والباحث الإعلامي) قال: مواقع التواصل الاجتماعي طغى عليها روح السجالية والارتجال الشعبوي لأن كل شخص يتصيّد أخطاء الآخرين أكثر من التركيز على إقامة بنائه الفكري الخاص به. وأضاف: إن التصنيفات الفكرية في مواقع التواصل الاجتماعي مسألة صحية تنبع من تعدد الأفكار ولكن المشكلة في فهمنا للتسميات والتصنيفات باعتبارها مذمة أو شتيمة أو قذفا، بينما هي توجّه ثقافي وفكري ناتج عن الانتماء الأكبر للوطن. وأوضح أن أي أذى يلحق بالآخرين هو تجاوز وخرق لقوانين الحرية. لا يوجد تصنيفات وقال المدون طلال ماضي: هناك اهتمام شعبي بمواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها منبرًا للتعبير عن الرأي لعدم توفر قنوات أخرى، ومن خلال متابعتي لا توجد تصنيفات كما يتصورها البعض لأن هناك اعتدالا في الطرح، ونحن لسنا بحاجة لوضع قيود على هذه المواقع بل يجب أن تنبع المسؤولية من الشخص المستخدم لهذه الموقع بنفسه، وهذا يرجع للتربية لأن الأسرة هي من تنشئ وتعوّد الشخص على حرية التعبير واحترام الآخرين في التحاور. مستوى الحوار هبط وقال عبدالرحمن باوزير (طالب بجامعة الملك عبدالعزيز وناشط تويتري): خلال شهر من الآن تحوّلت هذه المواقع إلى صكوك تكفير انتشرت للمخالفين في الآراء، ولا ننكر أن هناك تصنيفات واتهامات بين تيارات داخل المواقع لمخالفتهم رأي شخص آخر وبخاصة بعد حادثة حمزة كاشغري. وأضاف: المواقع الاجتماعية اصبحت مقياسًا للرأي العام في المجتمع ويوجد بها مميزات أجبرت العالم على الانضمام إليها وهي الحرية، فإذا صودرت الحرية واحترام الآخرين وآرائهم، فسوف يبحث الجميع عن «وسيلة أخرى». وأوضح ان الخلافات الحاصلة في المواقع الاجتماعية هي أمر صحي يدفع بالتقدم ولكن يجب مراعاة أن «خلاف الرأي لا يفسد للود قضية» ولو طبّقنا هذة القاعدة لنجحنا في استخدام هذة المواقع، فالحل ليس في وضع قيود على هذه المواقع، بل يجب أن ينشط الرقيب الذاتي وهو الحل الأفضل وفي النهاية. إحصائيات الدكتور فهد الغفيلي في «ندوة الجيل والإعلام التفاعلي والمجتمع» أوضح ان ما نسبته 61% من رواد الإنترنت في المملكة يستخدمون الفيس بوك، مقابل 16% يستخدمون تويتر، حيث أنها قريبة من آخر إحصائية، والتي تقول إن عدد مستخدمي الفيس بوك في المملكة سبعة ملايين مستخدم، من أصل 13 مليون مستخدم حسب إحصاءات شهر محرم 1433ه، وجاء عدد مستخدمي تويتر مليون ونصف، منهم 300 ألف ناشط فعال. آخر احصائيات «جرافيك» * 4,5 ملايين مستخدم ل «الفيس بوك» بالمملكة. وأكثر من 115 ألف مستخدم ل «تويتر» ويستخدمها الشباب في المملكة. * عدد مستخدمي تويتر في السعودية نما خلال الشهرين الأخيرين بمعدل مذهل وصل إلى 600 بالمائة وهو أعلى معدل نمو سجله الموقع منذ إطلاقه. * عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة 11,8 مليون مشترك. * في «تويتر» ما يزيد على 155 مليون تغريدة يوميًا حول العالم يتلقاها الموقع، فيما تظهر الإحصاءات أن من بين 200 مليون عضو على «تويتر» فقط، منهم 30 إلى 40 مليونا يُعتبرون مغردين نشطاء، أي أن محتوى «تويتر» ينتجه أقلية. الحلول: * تفعيل نظام جرائم المعلومات. * محاسبة الأشخاص الذين ينتحلون الأسماء ويشتمون ويقذفون الآخرين. * عمل دورات تدريبة في كيفية استخدام المواقع. * التشديد على ضرورة احترام الآخرين وآرائهم. * عدم مجاراة المسئين في وعدم الرد عليهم «وحذفهم».