لأنني سئمت كغيري من سطحية وضحالة فكر الكثير من النقاد الرياضيين الذين يتمركزون خلف الشاشة قبل بداية المباراة وبين الشوطين وبعد انطلاق صفارة الحكم، ثم يباغتونك بمداخلاتهم المقتضبة والمشحونة من خلال تلك البرامج الرياضية التي يستمر عرضها حتى منتصف الليل، ثم تفتتح نهارك برؤية صورهم تعلوا أعمدتهم الصحفية المسننة والتي سخرت للدفاع عن أنديتهم المفضلة، ولو أنهم يقدمون لنا نقدا فنيا عالي المستوى لأضفوا المتعة والفائدة، لكنهم يطلون علينا في كل حين ليبثوا التعصب في نفوس الجماهير، أو ليقدموا إسقاطات مغرضة وهدامة بحق المسؤولين وأصحاب القرار، أو ليتحفنا أحدهم بنظرية فنية مضحكة مثل (أعتقد بأن الفريق المنافس كسب اللقاء لأنه كان يبحث عن الفوز)!! أقول لأنني سئمت كغيري من كل ذلك، فقد قررت منذ فترة طويلة، الاكتفاء بمشاهدة مباريات كرة القدم على المستطيل الأخضر، والبعد عن متابعة ما يصاحبها من أستديوهات تحليلية أو ما يعقبها من برامج مثيرة تعتمد (الأكشن) وجر المنافسة خارج (الملعب) بعيدا عن متعة (الكورة)، وخلال فترة المقاطعة هذه التقيت صدفة وأنا بأحد مراكز بيع تذاكر الطيران بواحد من أكثر المحللين الرياضيين ظهورا وتعصبا وإثارة ولأنه بادر بالسؤال عن الدور أين وصل، مستطردا بأنه مضطر للسفر تلبية لدعوة البرنامج الذي سيستضيفه، فقد أخذنا الحديث حول أوضاع الرياضة إلى أن قلت له مازحا: تبدو هادئا ومتفهما بعكس ما نراك عليه وأنت تظهر على الشاشة؟! ليجيبني بكل برود: لولا الإثارة والملح والشطة لما تابعنا أحد!؟ ولأن بطولة كأس الخليج، وطموحنا العالي لتحقيقها، جعلتني أقف من جديد على ضفاف نهر بطولات (أسياد آسيا) الذي نضب عن آخره حتى مات من حوله العشب والشجر (الأخضر) وبات لا يسر (الغيورين) فقد عدت لمتابعة كافة المباريات والأستديوهات والبرامج متنقلا بين مختلف القنوات الرياضية المحلية والخارجية لكنني بحق صدمت كثيرا بما شاهدته من مسرحيات تعتمد لجذب المشاهدين الإسفاف والتراشق بالكلمات وكل ما حاول الضيف السعودي إثبات أنه (عارف) ببواطن الأمور وهو يقلل من مستوى وإنجازات الآخرين تصدى له الضيوف الآخرون وشنوا عليه هجوما لاذعا وهم يسألونه بأعلى الصوت: أنت وش تاريخك؟! وبعدين مسرع نسينا (ثمانية ألمانيا) وإلا خروج منتخبكم المبكر والمتكرر من الأدوار الأولى؟! في الواقع أنه لم تعد تستهوي المشجعين قوة المباريات، بقدر ما تجذبهم رائحة (المتبلات) التي تقدمها تلك البرامج مستغلين جري بعض النقاد المفلسين خلف الأضواء، وكم أتمنى من الادعاء العام بوزارة الثقافة والإعلام حفاظا على الذوق العام وحماية لتاريخ منتخبنا الكبير ودعما لاستقرار لاعبيه ومدربه وجهازه الإداري تحريك الدعاوى الصحفية أمام اللجنة الابتدائية بحق النقاد المتجاوزين، خاصة وأن التعديل الذي طرأ قبل عامين على نظام المطبوعات والنشر بات يسمح أيضا بنظر مخالفات السعودي الذي يرتكب خارج المملكة أياً من المحظورات وإيقافه عن الكتابة وعن المشاركة الإعلامية والترزز الدائم بالفضائيات!؟ [email protected]