ربما يكون المشهد طبيعيا ومقبولا وعاديا لو كان حدث في بلد صغير بعيد يشكل فيه المسلمون أقلية تتوق إلى زيارات العلماء والدعاة، وتحتفي بهم احتفاء كبيرا؛ لأنه لا يوجد بينهم من له باع طويل في العلم يفقههم في أمور دينهم، لكن أن يحدث ذلك في مصر، فإنه مشهد مثير يجب أن يبعث كثيرا من التساؤلات، ويضع عددا لا نهائيا من علامات التعجب والاستفهام. مصر التي اعتادت إرسال الدعاة والعلماء إلى كل البلاد الإسلامية منذ قرون، وملأ علماؤها المعاهد والمؤسسات الدينية في كل أصقاع الأرض، وما زالت زاخرة بالعلماء الأفذاذ والخطباء المشهورين بالبلاغة، هل أصبحت اليوم بحاجة إلى استضافة أو استقدام داعية يعظ الناس في أزهرها، أو يلقي خطبة الجمعة في أحد أشهر جوامعها؟. بديهي جدا أن نقول إن الأمر ليس كذلك، وبالتالي ما هو التفسير للاحتفالية الصاخبة التي رافقت زيارة الشيخ محمد العريفي لمصر، وإخراج تلك المشاهد الدرامية التي وصلت إلى محاولة حمل سيارته أمام جامع عمرو بن العاص في القاهرة بعد خطبة الجمعة الماضية، بل ما هو التفسير لما أوحت به المشاهد وكأنها زيارة رسمية هامة، بعد أن رافقه مستشار شيخ الأزهر وعدد كبير من الرموز الدينية، ونقل التلفزيون المصري خطبته على الهواء، وكلفت الصحف بتغطيتها بشكل موسع. الحديث عن هذا الموضوع لا يندرج في سياق خلق افتراضات من العدم، وإنما لمحاولة تحليل ظاهرة تكاد تكون غير مسبوقة في مصر، وحدوثها في الظروف المصرية الراهنة ووضعها في سياق أحداث سبقتها بقليل أو تزامنت معها يحتم قراءتها في هذا الإطار. أولا، ومع كامل التقدير للشيخ محمد العريفي، فإنه ليس ذلك العالم الخارق الذي يدهش مصر بالذات ويجعلها تحيطه بتلك الهالة الكبيرة من الدعاية والاحتفاء الصاخب، فهو واعظ وداعية إشكالي، يلجأ في كثير من الأحيان إلى طرق الغريب والعجيب وغير المستساغ من القضايا والأفكار، ربما يكون قد وصل إلى درجة النجومية الإعلامية عبر بعض الفضائيات، لكنه بأي حال لم يصل إلى درجة النجومية في العلم، وبالتالي كان أكثر ما يمكن توقعه أن تخصص له حلقات في الفضائيات المصرية يقول فيها ما يشاء، أو بعض حلقات الوعظ التي يحضرها من يشاء، لكن دون زفة رسمية بمباركة الإعلام الرسمي، في وقت تمر فيه مصر بكثير من الإشكالات؛ بسبب بعض ممارسات جماعة الإخوان المسلمين داخل مصر وخارجها، وتورط بعض كوادرها، مصريين وغير مصريين، في إثارة الشبهات حول محاولة توسيع نفوذها خارج مصر لترجمة حلمها أو وهمها القديم ببسط سيطرتها على العالم الإسلامي. وبالتالي، هل هناك رسالة ما وراء هذه الاحتفالية الاستثنائية بزيارة الشيخ «السعودي» محمد العريفي تريد جماعة الإخوان إيصالها؟؟.. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة [email protected]