أيام تمضي، وسنوات تتوالى وكأنها أوراق خريف متساقطة لا يمكن لنا استعادتها، عام ميلادي يطوي صفحته إلى غير رجعة، البعض من استطاع فيه أن يحقق نجاحات شتى في مختلف جوانب حياته، والبعض ظل قابعا تحت خط الفشل فأدركه العام الجديد وهو يتخبط من دون أن يحقق لنفسه ومجتمعه شيئا، وهكذا حالنا مع الأيام والأعمار وكأننا في سباق مع حركة الزمن الممتد بلا نهاية ولا بداية والتي لا تستدير عجلته إلى الوراء فترانا نودع عاما ونستقبل عاما، وها نحن اليوم نقف على أعتاب عام ميلادي جديد في تقويم أعمارنا، تطل علينا اليوم إشراقة أول شمس فيه. قبل أن نغلق تقويم العام الذي غادرنا ونرمي به بأفراحه وأتراحه بانفراجه واعوجاجه، وقبل أن نعزم على فتح أول صفحة في التقويم الجديد حري بنا مراجعة العمل ومحاسبة الذوات، فلا بد أن يقف كل منا وقفة مراجعة مع الذات لا تخلو من التسامح والتصالح وجلسة صادقة مع القلب والعقل نحاكم فيها أعمالنا ونقيمها لمعرفة الإيجابيات والسلبيات التي وقعنا فيها، والإخفاقات والنجاحات التي حققناها، وحين أدعوكم لمراجعة صفحة العام المنصرم وجرد حساباته فإني لا أطلب منكم الركون والكسل، أو التأسي والندم والإحباط، ولكن للتعلم من الأخطاء وتجديد العزم على طريق تحقيق الأهداف والوصول إلى المعالي، فلا بد من مراجعة ملفات العام الماضي والتفتيش فيها عن إنجازاتنا الشخصية المتحققة، والصعوبات التي واجهناها لوضع الخطط والترتيبات التي يمكن اتخاذها لتجاوز الهفوات وتصحيح الأخطاء حتى تكون منصة انطلاق نحو العام الجديد. إن العام الجديد يفرض علينا أن نستنهض جميع طاقاتنا وهممنا لنحجز لأنفسنا مقعدا في مجرى التاريخ وعلى ناصية الزمن، عام جديد يتوجب أن تمتلئ نفوسنا فيه بدرجة عالية من الإصرار والعزيمة والرغبة العميقة حتى تزهر معها نبتات الأمل في قلوبنا من جديد، لا بد أن نطلق العنان لتطلعاتنا وأحلامنا التي اختزلناها وحبسناها ولم نستطع تحقيقها في العام الذي انقضى لترى النور هذا العام. لقد اتفق الناجحون على أهمية الوقت ووضعوا له قيمة عالية وركزوا على أن التنظيم يجعلك تعمل بفعالية أكثر وإنجاز أشمل ويجعلك تتخلص من ضغوط العمل والحياة. إن الإنسان الناجح يحرص كل الحرص على أن يضع لنفسه أهدافا مع بداية كل عام، ولتكن واضحة وغير مبهمة وقابلة للتطبيق، بغض النظر عن طبيعة هذه الأهداف سواء في جمع المزيد من المال، أو الحصول على شهادات أعلى أو أوسمة أو اختراعات، أو امتلاك منزل، أو شراء سيارة، أو الزواج، أو الحصول على وظيفة أو الوصول إلى منصب إداري معين، أو غير ذلك من الأهداف ولكن حددها وحدد ما تريد تحقيقه والوقت المحدد لك هدف، فكر فيها بعناية واكتبها بدقة وضعها في قائمة ونظمها بحسب أولوياتها وأهميتها بالنسبة لك ثم ضع لها خطة عمل مناسبة لتنفيذها وتحقيقها، ومن المهم جعل عملك كله ينصب لتحقيق هذه الأهداف واتجاهك نحوها، فماهي الأهداف التي وضعتها لنفسك عزيزي القارئ والتي تنوي تحقيقها؟ وكيف تفكر في تحقيقها؟ الدخول في سنة جديدة فرصة رائعة لتجديد أهدافنا وتجديد الأمل فينا، ومن المهم تحديد قائمة بالأهداف التي نسعى للوصول إليها سواء على المستوى المهني أو العلمي أو الاجتماعي.. وتنظيمها فالتنظيم أساس النجاح؛ ولهذا يتوجب علينا ونحن ندلف على أعتاب عام جديد أن نهتم كثيرا بإدارة أوقاتنا، وتحقيق التوازن في جميع شئون حياتنا، ما بين الواجبات والرغبات والأهداف والراحة، فالوقت الشيء الذي لا نستطيع أن نشتريه أو نبيعه، أو أن نتقاسمه مع الآخرين، أو أن نحصل على المزيد أو القليل منه. فهو الشيء المشترك بيننا ولكل واحد فينا القدر نفسه من الوقت، لكن الذي يصنع الفرق بيننا جميعا هو ما يفعله واحدنا به، فالناس الذين يحصلون على أكبر فائدة ممكنة من أوقاتهم يطبقون أنظمة وأساليب مختلفة ومتباينة، ويجدولون روزنامةَ أوقاتهم وبذلك ينجزون مهامهم، والوقت من أهم الموارد التي ينبغي استثمارها، ولأن ما مضى منه لا يعود فحاجتنا له تدعونا دوما على تنظيمه وإدارته وحسن استغلاله. أتمنى للجميع عاما سعيدا عامرا بالفرح وتحقيق الأماني والأهداف.. وكل عام وأنتم سالمين. [email protected]