يتكرر الجدل حول حكم التبرع بأعضاء الميت دماغيا لمرضى آخرين قبل أن تموت كليا، خصوصا وأن بعض الأهالي يمانعون هذا التبرع أملا في عودة ميتهم إلى الحياة. ويؤكد شرعيون وأطباء أن الميت دماغيا لا يمكن له العودة للحياة لافتين إلى أن التبرع بالأعضاء لإكسابه الأجر وإنقاذه لحياة الآخرين. وما بين ممانعة الأهالي وأمل المرضى الحصول على بعض أعضاء الميت كان هذا التقرير: في البداية يرى الأستاذ المشارك في المعهد العالي للقضاء الدكتور هشام آل الشيخ أن تبرع أهل المتوفى دماغيا بأعضاء ميتهم محل نظر، قائلا: «اختلف الفقهاء في المسألة». ولفت إلى صدور فتوى من هيئة كبار العلماء تجيز هذا التبرع، إن كان دافعه حاجة الغير، عازيا ممانعة الأهالي عن التبرع، أملا في عودة مريضهم للحياة، إذ يرون أن التبرع بأعضاء الميت دماغيا حكم بالموت الحقيقي له. ولفت إلى اختلاف الأطباء في تشخيص الحالة، فبعضهم يجزم عودته للحياة، الأمر الذي تسبب في حدوث الخلاف في وجهات نظر الأهالي، لكن بعضهم رأوا عدم جدوى العودة. وأشار إلى رأي فقهي يمنع التصرف بأعضاء الميت دماغيا، لأن الرأي الممانع يرى أن الأعضاء ليست ملكا لأحد، مضيفا: «إذا تعلق أهل الميت بهذا الحكم فلهم ذلك». وخلص: «ينبغي مراعاة نفسيات الأهالي، وإخبارهم أن الميت دماغيا لا يعود، وأنهم مأجورون على تبرعهم إذا أنقذوا مرضى آخرين». حرمة الميت عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور محسن العواجي أشار إلى حرمة الميت في ديننا مبينا أن المتوفى يورث ماله لا جسده أو روحه وعمله. وتطرق إلى أن من يملك الجسد هو الإنسان نفسه، قائلا: «يمكن له التبرع أثناء حياته بوصية، ليقوموا بتنفيذها عند موته»، مشيرا إلى أن الشخص يمكن له في فترة حياته التبرع بما لا يضره، مضيفا الخلاف في المسألة يكمن فيمن يملك حق التبرع، لأن الورثة ليس لهم إلا حق المال، أما الجسد ففرض الله التعامل معه بطرق محدودة، تقتصر في التغسيل والصلاة عليه ومن ثم دفنه. وأشار عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى أن الميت إن أوصى بالتبرع بأعضائه فله الحق، ذاكرا أن خلاف جواز التبرع قائم، والممانعون له يملكون أدلة كثيرة وواضحة. لا يعود وعارض عضو المركز الوطني لزرع الأعضاء عضو الهيئة العليا لتشخيص موت الدماغ العضو في المركز الوطني لزراعة الأعضاء الدكتور محمد علي البار من قال بعودة الميت دماغيا، مؤكدا أن التشخيص إن كان سليما موافقا للشروط التي وضعتها الهيئة العليا، فلا مجال للحياة مجددا. ولفت إلى أنه ومنذ حوالى أربعين عاما، لم يعش أحد ممن مات دماغيا. وذكر أن أسباب منع الأهالي من التبرع بأعضاء ميتهم مختلفة، فالأب يقول مثلا: كيف أتبرع بأعضاء ابني، بينما يرى فقهاء أن هذا اعتداء على حرمة الميت، وإن كان العضو يتحلل بعد مدة في القبر. مذكرا بقرار المجلس الإسلامي في العاصمة الأردنية عمان عام 1986، والذي أكدت فيه أغلبية الأصوات بأن الميت دماغيا تنطبق عليه أحكام الميت الحقيقي، وقد قبلت وزارة الصحة السعودية بذلك، فكانت المملكة أول من نفذ القرار بعد صدوره بشهر، فأقيمت أول عملية لزراعة الأعضاء في المستشفى العسكري في العام ذاته وزرعت فيه الكلى، تبعتها دول الخليج ومن ثم دول أخرى. وأبان أن المركز الوطني لزراعة الأعضاء يقيم حملات، ويذهب إلى المدارس لتوضيح الحقائق، لكن مرجعيات الناس تتنوع من شخص لآخر. ولاحظ أن هيئة كبار العلماء لم تحدد موقفا جليا في التبرع بأعضاء الميت، وبالتالي يعد المجال قابلا للأخذ والرد. وذكر أن أغلب حالات الموت الدماغي هم من فئة الشباب، نتيجة حوادث السيارات، واعظا أهل الميت بقوله تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) قائلا «كيف يكون أجر الميت لو أعاد البسمة لسبعة أشخاص، فهذا أجره كبير لإنقاذه نفوس بشرية، بل يصل الخير به إلى أنه تبرع بأكثر ممن يتبرع بمليون ريال، كما أشار إلى أنها صدقة جارية للميت ولأهله.