شهدت قاعة الدائرة الجزائية الثالثة في المحكمة الإدارية بمحافظة جدة خلال جلسة محاكمة وكيل أمين سابق أمس على خلفية فاجعة السيول، وقائع مثيرة حيث واجهه الادعاء العام (هيئة الرقابة والتحقيق) باتهامات جديدة تمثلت في تعاقده مع رجل أعمال رأس ناديا رياضيا شهيرا بالغربية للعمل مستشارا له مقابل ستة ملايين ريال تسلم نصفها بالفعل ومايزال يطالب رجل الأعمال بالبقية. وكان رئيس الدائرة الجزائية الثالثة طلب من ممثل الادعاء تلاوة الاتهامات الموجهة للمتهم الأول (وكيل الأمين السابق) والمتهم الثاني (رجل الأعمال) والذي تلخص الاتهام الموجه له في تقديم رشوة مالية (أكثر من 1.5 مليون ريال) للمتهم الأول مقابل ترسية مشروع تغطية قناة مجرى السيول في محافظة جدة على مؤسسته. وأشارت لائحة الدعوى إلى اتهام المتهم الأول في قضية تلقي الرشوة والإخلال بأداء واجبات الوظيفة، فيما دفع المتهم الثاني مبلغ الرشوة بشيكات من حسابه في أحد البنوك المحلية مقابل تسهيل أعماله في المشاريع التي ينفذها لصالح الأمانة. عقب ذلك وجه الشيخ الدكتور سعد المالكي الحديث للمتهمين حول الاتهامات الموجهة لهما، فأنكرها المتهم الأول مؤكدا عدم تلقي أي رشوة من قبل رجل الأعمال، ومطالبا ممثل الادعاء بالرد على اللائحة التي تقدم بها في الجلسة الماضية. عقب ذلك قدم ممثل الادعاء رده في تسع صفحات سلمها للمتهمين وناظر القضية والذي بادر بسؤال المتهم الأول عن كيفية التعاقد مع الشركة التي يملكها المتهم الثاني وهو يعمل في الأمانة والجامعة. فأجاب المتهم «هذا غير صحيح فقد أبرمت عقدي مع الشركة بعد أن تركت الأمانة، وكان التعاقد عن طريق الجامعة التي أعمل بها حيث تقدم إليها رجل الأعمال (المتهم الثاني) طالبا تعيين استشاري هندسي، وتم اختياري لهذه المهمة وكان ذلك بعد تركي للأمانة». القاضي: «ولكنك كنت معارا آنذاك للأمانة!!». المتهم: «هذا غير صحيح فقد تم ذلك بعد تركي للأمانة بأيام في غرة ربيع الآخر، حيث تعاقدت مع الشركة في منتصف الشهر نفسه وبعقد نظامي». القاضي: «ولكن هناك متهم في إحدى قضايا السيول اتهمك مباشرة بالتورط في طلب نسبة 10% من قيمة أي مشروع تتم ترسيته على المتهم الثاني، كما أفاد بأنك كوكيل للأمين طلبت من خلال اتصال هاتفي رفع قيمة عقد مشروع تغطية مجرى سيل من 240 مليونا إلى 325 مليون ريال، وتلقيت مبلغ مليون و400 ألف ريال مقابل تلك الترسية». عند ذلك تدخل محامي المتهم قائلا «أشكك في تلك الإفادة»، مضيفا «أفاد المتهم الشاهد بأنه سمع وروى ونقل ولا يعلم وليس متأكدا من أي أمر، ولكن ينقل ويتداول فقط، كما أنه أقر في إفادته في تلك القضية أنه وقع بينه وبين موكله أمر، وقد يكون تحدث بذلك للانتقام، كما أن حديثه غير صحيح، فكيف يتم رفع عقد رسمي وباتصال هاتفي، والمعروف أن المشاريع تقر من خلال مناقصات وفي الوزارة وعلى العرض الأقل». كما اعترض المحامي محمد المؤنس على اللائحة التي تقدم بها ممثل الادعاء كونها تختلف عما تم ضمه لملف القضية وقال «هناك تحريف للاتهام وأطالب بإرفاق قرار الاتهام الذي قدمه ممثل الادعاء ويحمل تناقضا لإثباته في ملف القضية». بدوره أكد ممثل الادعاء العام أنه سيتم تزويد كافة الأطراف بلائحة الاتهام وسبق أن أجيب عليها في المذكرة المقدمة في هذه الجلسة. بعد ذلك مثل المتهم الثاني وهو رجل أعمال يملك شركة ورأس ناديا شهيرا في السابق، مؤكدا أنه لم يتعاقد مع المتهم الأول إبان عمله في الأمانة، بل بعد أن تركها «وقد أبرمت معه عقدين، الأول بعلم الجامعة التي تقدمت إليها رسميا، والآخر كان عن طريق المتهم نفسه ولا أعلم إذا أبلغ إدارته به من عدمه ولا علاقة لي بذلك». ناظر القضية: كم كان مرتبه ولماذا منح هذا الراتب؟ المتهم الثاني: «كان مرتبه الشهري 100 ألف ريال ويدفع له حسب الدفعات التي استلمها مقابل إنجاز المشاريع المتعاقد عليها مع الأمانة، وهذا المرتب يستحقه فقد وفر علي مبلغ 12 مليون ريال في صفقة أخشاب مع شركة تركية». ممثل الادعاء أكد بدوره أن المبلغ المتفق عليه 100 ألف شهريا على مدى 60 شهرا أي 6 ملايين ريال، ولكن المتهم الأول تقاضى فعليا أقل من النصف، وهذا يدل على أن المبلغ ليس بسبب ذلك العقد بل لأمر آخر». المتهم الثاني: "المبلغ الذي تسلمه كان مقابل المدة التي عمل فيها لدى شركتي، أما مدة 60 شهرا فهي المدة القصوى للعمل وقد تكون شهرا أو نصفها». بدوره اعترض المتهم الأول على حديث المتهم الثاني وممثل الادعاء مؤكدا أنه عمل 60 شهرا كاملة، ولكنه تقاضى أقل من النصف، وما يزال يطالب ببقية المبلغ لدى المتهم الثاني، وقد اشترط في العقد أن يدفع لي باقي مستحقاتي بعد أن يتسلم دفعه من الدولة، وأنا أنتظر أن يفي بذلك وأنا واثق منه». عندها طلب ممثل الادعاء من المتهمين إيضاح الأعمال التي قام بها وما يستحقه مقابل تلك الأعمال من أموال. وأبدى المتهم الأول ومحاميه استعدادهما لتقديم تلك المستندات المطلوبة في الجلسة المقبلة التي تحدد لها مطلع الشهر المقبل.