تسعى الدولة جاهدة لمساعدة الشباب للبدء في مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة، لما لهذه المشاريع من أهمية كبيرة للاقتصاد المحلي، حيث تمثل (96 في المئة) من مجموع الأعمال التجارية، ومع ما تبذله الدولة من تذليل للعقبات لتلك المشاريع التجارية،خصوصا الصغيرة منها، وتقليل المتطلبات النظامية لتأسيسها، إلا أن تلك المشاريع سرعان ما تواجه معضلة وهي عدم قدرتها على النمو أو المنافسة في السوق بسبب وجود سيطرة من بعض الوافدين على بعض القطاعات التجارية، مثل قطاع التجزئة، الذي يسيطر عليه الوافدين بنسبة (80 في المئة)، ومحاولتهم محاربة مشاريع الشباب وإخراجها من السوق ومن نطاق المنافسة. إن هذه السيطرة من قبل بعض الوافدين على بعض الأنشطة أو القطاعات التجارية يرجع أهم أسبابها إلى التستر التجاري، والذي يتم في أغلب الحالات بتمكين السعودي للأجنبي باستخدام ترخيصه أو اسمه أو سجله التجاري أو غيره في المشروع التجاري، والذي يعتبر جريمة بموجب نظام مكافحة التستر. وإن كانت سيطرة الوافدين تضر بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، إلا أن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن من مكن الوافدين من هذه السيطرة هم بعض السعوديين ضعاف النفوس أعداء الاقتصاد الوطني، وذلك بتسترهم على الوافدين من أجل مبالغ من المال يدفعها لأجانب لهم في نهاية كل شهر دون جهد مسبق أو حتى سابق استثمار مالي. فهذا السعودي الكسول الذي يرغب بأن يحصل على مبلغ من المال دون أن يقوم بأي عمل هو من ساهم في وأد العديد من مشاريع الشباب بسب منافسة بعض الوافدين لتلك المشاريع في بعض القطاعات التجارية بشكل شرس. وفي حين أن بعض الشباب السعودي يواجه صعوبات لإبقاء مشاريعهم قائمة، نجد أن الوافدين المتستر عليهم والمسيطرين على بعض القطاعات التجارية يحولون أموالا خارج المملكة تصل إلى 100 مليار ريال سعودي سنويا. إن ما تقوم به وزارة التجارة والصناعة من جهود حالية من تتبع لحالات التستر التجاري بشكل مكثف وقيامها بالتحقيق في العديد من حالات التستر التجاري، يؤكد أن محاربة التستر هو أولوية لديها الآن، ومن الواضح بأنها ستبذل المزيد لذلك الغرض. ومن جهة أخرى، أن ما سيساهم أيضا في محاربة التستر هو تعديل نظام مكافحة التستر، وذلك بزيادة عقوبة السجن والغرامة الحالية، والتي تصل للسجن لسنتين وغرامة قد تصل إلى مليون ريال، وذلك لتتناسب العقوبة مع حجم الجرم وآثاره الفادحة على الاقتصاد الوطني. إن مساعدة المشاريع الصغيرة والمتوسطة على النمو يعتبر مهم للاقتصاد الوطني، ولتحقيق ذلك يجب أن تتم محاربة التستر وفك سيطرة الأجانب على بعض الأنشطة والقطاعات التجارية، حتى لا نخسر تلك المشاريع بعد فوات الأوان. * محام ومستشار قانوني