لو أراد إنسان شراء سيارة يقوم بداية بالتحري عن جودتها ومصنعيتها وسعرها.. إلخ، ولو أراد شراء منزل يختار موقعه ويتأكد من استيعابه لحجم عائلته، وبعده وقربه من مكان العمل أو المدرسة.. إلخ. وهكذا يحدث تقريبا عند شراء أي شيء قبل إتمام الصفقة. لكن موضوع اختيار نوعية السائقين والخدم والعاملات المنزلية (العمالة المنزلية) لا يعطى حقه من البحث والتحري قبل استقدامهم، مع أنهم يعيشون مع الأسر ويوثق بهم فيما يحملون من مسؤولية حسب الحاجة التي دعت لاستقدامهم. أكثر ما يهتم به عموميات مثل : الجنسية والعمر والخبرة واللغة، وهذا ليس المهم فقط، وغير كاف. يتضح من مختصر ما ذكر عدم التأكد من كفاءة السائقين والعاملات المنزلية من ناحية حقيقة شخصياتهم وخلفياتهم الاجتماعية والثقافية قبل استقدامهم (ومثلهم سائقو الليموزينات في أنحاء المملكة). فلا يعرف إذا لهم خلفيات جنائية أدخلوا السجون بسببها. من ذلك يعرف توجه الواحد منهم واستعداده النفسي لفعل الإجرام كالقتل وغيره، أو ممارسة أعمال الرذيلة، والخطورة في من هو مصاب بمرض نفسي منهم. أحد الثقاة ذكر لي، بحكم تردده على لندن، ملاحظته أن سائقي الأجرة فيها يتميزون بالأدب ومساعدة الراكب..، فسأل أحدهم عن السر في ذلك، فأجابه بأنه لا يعطى لديهم شخص رخصة سائق أجرة إلا بعد البحث والتحري عن خلفيته الاجتماعية وخلوه من السوابق الجنائية والمخلة بالأخلاق والآداب. ولدينا من يستقدم تقريبا ما «هب ودب» من السائقين، ولدينا من يشغل الهاربين من كفلائهم. بالنسبة للعاملة المنزلية فاختيارها من حيث التأهيل والخبرة مهم، خاصة وهي تتعامل مع الأطفال، والتخصص الجامعي في هذا المجال يعتبر ضرورة حتمية. جهل الأسر بشخصيات وخلفيات السائقين والعاملات المنزلية، إذا ما أضيف إليه جهل هؤلاء بطبيعة المجتمع السعودي المحافظ وثقافته الدينية، فإنهم بشكل أو بآخر يمكن أن يعرضوا الأسر لبعض المشكلات بسبب تأثيرهم على اللغة والقيم السائدة في مجتمعنا المسلم. وقد يمتد تأثيرهم إلى أن يتقبل الأولاد والبنات الصغار العادات والتقليعات التي يمارسها السائقون والعاملات المنزلية وما ينشرونه من أفكار منحرفة ومضللة. هذا إلى جانب إمكانية بعض منهم ممارسة الرذيلة ونشر المخدرات وإغراء بعض أفراد الأسر للتدخين وبعض السلوكيات المنحرفة، هذا غير إمكانية التجسس عليهم وابتزازهم، لأنهم يكونون محيطين بأوضاع الأسر ويعرفون أسرارها. لذلك فمن المصلحة أن لا يكشف أفراد الأسرة أوراقهم وأسرارهم ومشكلاتهم وعلاقاتهم بعامة أمام السائق أو العاملة المنزلية فقد تستخدم ضدهم. وقد قيل وكتب الكثير عن جرائم السحر والشعوذة، والسرقة وقتل الأبرياء وغيره من قبل بعض العمالة المنزلية. فقتل الأطفال وتكرار وتنوع أساليبه حدث ويحدث، وقد يكون الخافي أعظم. (قتل الطفلة تالا الشهري وقتل طفل آخر بسم الفئران.. نموذجان لما تقوم به بعض العاملات المنزلية مع الأطفال). وقد ارتبط انتشار بعض الأمراض المعدية بالعمالة المنزلية، هذا إضافة إلى ما نسب من حالات تسمم نتيجة وضع بعض العاملات المنزلية المخلفات الآدمية والدم النجس في أكل وشراب بعض الأسر. ولخطورة ما تقوم به العمالة المنزلية من مهام فإن من الأولى مراقبتها باستمرار ولكن بالطريقة والحدود التي يقتضيها ديننا الحنيف، والأفضل عدم الاعتماد عليها والتوجه للاعتماد على النفس بقدر الإمكان. ومؤسف حقا أن يوجد من يقول «ماذا نعمل بدون العمالة المنزلية؟ لقد تعودنا عليها!» . لكن المصلحة والفائدة تتطلبان اتخاذ القرار الصعب، وقد تزول الصعوبة مع اتخاذه للقادرين على ذلك.. والله أعلم.