حضرتُ في الكويت حلقة حوارية حوال العمالة المنزلية. وكان أغلب المتحدثين يقفون مع العمالة، في انتقاد واضح لممارسات الأُسر الخليجية مع هذه العمالة . ورغم أن المجتمع الخليجي الذي تعوّد على حياة الدعة في أغلبه، بفضل البترول، فإن هذا التعوّد قد ولّد عادات سلبية جداً، وصار المواطن الخليجي يؤمن أنه بفضل (الفلوس) يمكنه شراء أي شيء، حتى حرية الآخرين. تحدّث الأخوة المشاركون في تلك الحلقة الحوارية عن ممارسات سلبية تُرتكب ضد العمالة المنزلية، يُمكن حصرها في الآتي: - تكليف الخادمة بساعات عمل قد تتجاوز 18 ساعة يومياً – تأخير دفع رواتب العمالة المنزلية، ما يربك حياتهم – عدم إعطائهم يوم عطلة في الأسبوع – تأنيبهم وضربهم، خصوصاً من قبل الأسر الأقل تعليماً – التحرش الجنسي والاعتداء من قبل بعض أفراد الأسرة – التقتير في الطعام – عدم مكافآتهم عن إتقان العمل، في مقابل توبيخهم وتقريعهم عند الخطأ – عدم مراعاة الحالة النفسية التي يمرُّ بها المُستخدم بعيداً عن أهله وبلاده. هذه معظم الممارسات السلبية التي تشكو منها بعض العمالة المزلية في دول مجلس التعاون، حسب دراسات ميدانية موثقة. في المقابل، هنالك ممارسات سلبية من جانب العمالة ذاتها بحق الأسرة الخليجية، وتنحصر في الآتي: عدم إتقان العمل وإتلاف مقتنيات المنزل نظراً للإهمال. – رفع الصوت وتحدي ربَّ الأسرة أو ربة المنزل. – إقامة علاقات غير مشروعة مع خدم الجيران، أو ما بين الخادمة والسائق أو أحد أفراد الأسرة. – ضرب الأطفال أو إعطائهم مواد مخدرة كي يناموا وقت عمل الخادمة، أو وقت الضغط عليها عندما ترعى طفلين أو أكثر في وقت واحد. – إتلاف أو عدم إجادة الطعام عمداً، كي تعاد الخادمة إلى مكتب الاستقدام، ما يخلق جواً غير مريح في المنزل. – السرقة وإفشاء أسرار المنزل لدى خدم الجيران. – المطالبة برفع الأجر قبل المدة المستحقة في العقد، ومن ثم الهروب إلى مكتب الاستقدام واضطرار الكفيل إلى شراء تذكرة عودة للخادمة أوالسائق، والدخول في دوامة جلب بديل لهما. – بعض ممارسات السحر والشعوذة التي تقوم بها بعض الخادمات القادمات من مناطق تؤمن بذلك. – بث روح الاضطراب في المنزل عندما تهرب الخادمة، ويبدأ أفراد الأسرة في الاعتماد على أنفسهم. – تعثّر الأطفال في التعليم، نتيجة تعلمهم اللغة الخاصة بالخادمة، وتعلّق الأطفال بالممارسات والطقوس التي تقوم بها الخادمة، وانهيار البناء الثقافي والأخلاقي للطفل. ورأت دراسة (جمعية العمل الإجتماعي الكويتية) بعض المؤشرات: - نسبة العمالة الهندية 46%، الفلبينية 25%، البنغلاديشية 13% – الأعمار ( أقل من 33 عاماً 54% ذكوراً وإناثا، الإناث في نفس المرحلة العمرية تمثل 60%، نسبة المتزوجين تبلغ 70% من العمالة المنزلية، الإناث تبلغ 67% ولا يصحبن أزواجهن. – نسبة الأمية بينهم ( أمي + يقرأ ويكتب) 49%. - عدد الخدم في المنزل ( واحد) النسبة 42%، (اثنان) النسبة 5, 30%، (ثلاثة) النسبة 20%. – المهن: عاملة منزل 97%، سائق 28%، طباخ 26%. – الأعمال التي تقوم بها العمالة المنزلية : 1 – غسل الأواني 104%.2 – تنظيف المنزل 96%. 3 – غسل الملابس 82%. 4 – كي الملابس 81%. 5 – طهي الطعام 63%. - أسباب استخدام العمالة: 1 – المساعدة في أعمال المنزل 4, 77%. 2 – عمل المرأة 44%. 3 – كبر المنزل واتساعه 2, 23%. 4 – كبر حجم الأسرة 7, 22%. - مدى مساعدة الخدم في أعمال المنزل: 1 – توجد مساعدة من الأسر (النسبة 49%). 2 – توجد مساعدة أحياناً ( النسبة 24%). 3 – لا توجد مساعدة (النسبة 9%). - مشكلات تثيرها العمالة المنزلية: 1 – التقصير في أداء الواجبات 47%. 2 – الإسراف في المواد المنزلية 37%. 3 – طلب السفر المفاجئ 35%. 4 – صعوبة التدريب 29%. 5 – السحر والشعوذة 21%. 6 – أعمال منافية للآداب 21%. لقد أتيتُ بهذه الأرقام لأنها ذات دلالات هامة فيما يتعلق بموضوع البحث، ومن ذلك نتستنتج: - أن أعمار العمالة (مع قلة خبرتهم ) يجعلهم في موقع الخطأ سواء في العمل أو في العلاقات غير السوية . - أن نسبة الأمية ( 49%) فيما بينهم يجعلهم لا يستوعبون حياة المجتمع الخليجي وعاداته أو يطوّعون عاداتهم وتقاليدهم لصالحه . - أن وجود عاملين أو أكثر ( عادة في البيوت الخليجية المتوسطة الدخل يوجد 3 أو أكثر )، يرهق ميزانية الأسرة، ويتيح الفرص لاعتماد الأسرة كلياً على الخدم . ناهيك عن الممارسات الإجتماعية الخاطئة ( العلاقات، اللبس، السحر والشعوذة، عدم تعلم اللغة العربية ) . - اعتماد الأسرة على الخادمة في المطبخ (63%) أمر يجعل الزوجة بعيدة عن المطبخ، وبالتالي، فقد كشفت دراسات أن الخادمة -في ظروف خاصة- تضع بعض المواد غير الصحية في طعام الأسرة، كما أن الإعتماد عليها في كي الملابس (81%) يجعلها عرضة لحرق الملابس أو إتلافها بسبب ضغط العمل. - كان عمل المرأة الخليجية عاملاً مهماً في التحول في المجتمع الخليجي، 44% من أسباب استقدام العمالة المنزلية. - هنالك من الأسر من يقوم بمساعدة الخادمة في أعمال المنزل (49%)، وهي نسبة مرتفعة وإيجابية، وهذا مؤشر قابل للتغيّر -في رأينا- عندما تتغيّر عينة البحث. عموماً، تشكل العمالة المنزلية اليوم أحد أهم التحديات أمام الأسرة الخليجية !. ولقد أصبحت فعلاً عاملاً مؤثراً في هذه الأسرة! فرغم سلبياتها أو أخطائها، فإن الأسرة الخليجية لا تستطيع الإستغناء عنها، بل وتفضّل تحمَل سلبياتها في مقابل إبقائها لحاجة المنزل لها . لكننا نؤكد أن توطيد العلاقة بين الأسرة والعاملين في المنزل من حيث حسن إدراة المنزل من قبل ربة البيت، وعدم التفريط في القيم، ومحاسبة العاملين، وعدم التقتير عليهم في الطعام، ودفع رواتبهم في مواعيدها، ومشاركتهم الأفراح والمناسبات ولو ب (بطاقة معايدة)، من الأمور التي تجعل حياة الأسرة أكثر استقراراً، وأقل تعرضاً للسلبيات التي تنتج عن استقدام هذه العمالة.