بعد مسيرة النضال والترحال الطويلة والمريرة، وتطور الفكر السياسي الفلسطيني في أعقاب انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة في العام 1965، وما تلا ذلك من عدوان إسرائيلي في يونيو 1967، إلى قيام السلطة الوطنية الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1994 بعد توقيع اتفاق أوسلو للسلام، وقبول الفلسطينيين بحل الدولتين تحقق الحلم، وتحصلت فلسطين على صفة مراقب في الأممالمتحدة، وهي خطوة تاريخية في مسيرة شعب مناضل. بحصول فلسطين على مراقب في الأممالمتحدة، على قيادات السلطة أن تعي ما لها وما عليها من مهام للانتقال بالهدف التكتيكي إلى مرحلة جديدة تستجيب لاستحقاقات الشعب الفلسطيني في المنظمة الدولية ومنظماتها المتفرعة عنها، إن كان محكمة العدل الدولية، أو محكمة الجنايات الدولية، أو المنظمات الأخرى المتفرعة عنها، ودون التفريط بأي استحقاق ناتج عن العضوية المراقبة للدولة، فإن مهاما عديدة يمكن تحقيقها لصالح الشعب والدفاع عن مصالحه العليا. وما تصريحات نتنياهو والقيادات الإسرائيلية عن عدم تغيير شيء على الأرض الفلسطينية بالمعنى الشكلي للكلمة صحيح، ولكن بالمعنى السياسي والقانوني والجغرافي والدبلوماسي، فإن التصريحات الإسرائيلية غير صحيحة، ولا تمت للحقيقة بصلة. وهم يعلمون علم اليقين أن عضوية المراقب للدولة على حدود محددة، هي الرابع من يونيو 1967، يعني شيئا مختلفا عما كان يجري الحوار والتفاوض عليه طيلة العشرين عاما الماضية تقريبا، ولم يصل الفلسطينيون لأي نقلة ولو صغيرة باستثناء إضاءات متباعدة هنا أو هناك، أطفأتها القيادات العنصرية الإسرائيلية. وعلى طريق الدولة هناك نقلة، فضلا عما ستفتحه الخطوة الجديدة من آفاق على مختلف الصعد والمستويات الوطنية والعربية والأممية. هناك تغيير كبير سيلازم الانتقال إلى مكانة دولة مراقب في الأممالمتحدة، ويسهل الطريق لاحقا للعضوية الكاملة، وإلزام أقطاب ودول العالم باتخاذ سياسات وإجراءات أكثر قوة على دولة التطهير العرقي الإسرائيلية لإلزامها بالانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. كما أن القرار الجديد لا يلغي مكانة منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، ولا يسقط حق العودة للاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي 194، ولا أي حق من الحقوق الوطنية. وكلما امتلكت القيادة سعة الأفق والإدارة الحكيمة لعملية الصراع مع دولة الاحتلال والعدوان الإسرائيلية والولايات المتحدة، تقدمت خطوات نوعية باتجاه الأهداف الوطنية..الفرق كبير بين الأمس واليوم كل القرارات السابقة جيدة، ولكن اليوم طعم آخر، ومدى سطوع شمس اليوم عن غيره من الأيام الفلسطينية مرهون بالقيادة، ومدى قدرتها على إدارة الصراع بشجاعة وحكمة .