24 ساعة تفصلنا عن قبول فلسطين دولة «غير عضو» أو «مراقب» في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث سيعرض الرئيس محمود عباس مشروع القرار الفلسطيني للتصويت في ذكرى صدور قرار تقسيم فلسطين، وبات من الواضح أن منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية ظلت على موقفها الثابت والشجاع بالذهاب للأمم المتحدة، رغم التهديد والوعيد، ورغم العدوان الإسرائيلي على غزة، والذي كان من أهدافه التشويش على ذهاب أبو مازن للأمم المتحدة. السلطة الفلسطينية لم تخضع للضغوط التي مورست عليها لعدم التوجه للأمم المتحدة.. فهل تنجح في الحصول على العضوية الأممية؟ مارست إسرائيل كافة الضغوط على السلطة، وحاولت عبر عمليتها العسكرية «عامود السحاب» ضد قطاع غزة اعتراض التوجه الرسمي الفلسطيني نحو الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعد فشلها الذريع فيما ذهبت إليه، خاصة أن الفصائل الفلسطينية كافة بمن فيها حركة حماس، باتت تؤيد وتؤازر السلطة الفلسطيينة، لم يعد أمامها إلا التوعد والتهديد. ولم تنفع الضغوط على تنوعها واختلافها في ثني القيادة الفلسطينية عن توجهها الوطني الشجاع، ولا يفصلنا عن هذه اللحظة التاريخية سوى 24 ساعة، ستشهد بالتأكيد أنواعا جديدة من الضغوط، وبعدها سنشهد مرحلة تاريخية بكل ما تحمله من مستجدات، لعل أبرزها وأكثرها أهمية التلاقي الفلسطيني الفلسطيني حول نقاط مركزية واضحة ومحددة، تكفل عودة العمل الفلسطيني المشترك، ضمن كيان سياسي واحد، وبرامج عمل واحدة، الهدف منها تعزيز صفة الدولة وصولا إلى الاستقلال التام والناجز. ما قامت به القيادة الفلسطينية في توجهها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، هو بمثابة تجديد الفعل السياسي الفلسطيني، وإخراجه من دائرة المراوحة في المكان عبر ساحات التفاوض غير المجدي في ظل تواصل الاستيطان وتهويد القدس ومحاولات فرض الواقع الإسرائيلي على الساحة الفلسطينية، لم يعد في الإمكان الركون إلى ما هو قائم، في ظل توقف المفاوضات، أو المراهنة على عودة المفاوضات في ظل ما تشهده إسرائيل من نزعات يمينية وصلت إلى حد العنصرية والاستعلائية ومحاولة فرض الواقع. لقد جاء التوجه نحو الجمعية العامة للأمم المتحدة ليختصر الطريق، وليعلن بوضوح أنه لا سكون ولا استكانة للاستيطان والتهويد، وأن القضية الفلسطينية هي قضية لها عمقها العربي والإسلامي والدولي، وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته تجاهها. هناك مقررات للشرعية الدولية، وأبرزها القراران الدوليان (242) و(338)، وهناك مسؤوليات دولية إزاء اللاجئين الفلسطينيين في العام 1948، وبالتالي فإن إعادة طرح القضية الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة يعني الخروج من بوتقة المفاوضات غير المثمرة، والعودة لأصول المشكلة الفلسطينية، وهي احتلال أراضي الغير عنوة وبالقوة عام 1967، ومنها طرد المدنيين الفلسطينيين عن ديارهم في العام 1948، ومنها العدوان الاستيطاني على أرضهم في الضفة الغربية،