نعيش الآن عصر الديجيتال أو العصر الرقمى حيث يمثل الرقم قيمة فى حياتنا حتى ولو كان صفرا، لم تنعكس آثار هذا العصر على التطور التكنولوجي فحسب بل طال العقل البشري ليحوله إلى عقل ديجيتال تشغل الأرقام حيزا كبيرا منه لأنها بمنتهى البساطة ترجمة مباشرة للواقع الإنساني. ومع انقضاء عام وبداية عام تقفز أمام العين مجموعة كبيرة من الأرقام يكون أهمها رقم العمر والذى يكتب بلون أحمر ليميزه عن باقي الأرقام ليخبرنا بأن العمر أضيف لرصيده عام يعني زاد.. لا تفرح كثيرا.. فقد نقص من إجمالي رصيد العمر وما زلت مدينا لما تبقى من العمر بحسن المعاملة والعرفان بالجميل، ومع لحظة ندم سريعة على مرور خاطف للسنة الماضية والتى لم تكن كافية لتحقيق ما هو مخطط لها وتأجيل بعض هذه المخططات للعام الجديد تقفز العين للرقم التالي الخاص بالرصيد البنكي. لماذا يتناقص سريعا فقد كان عاما حافلا بالعمل والمجهود كما أن في بدايته حصلت على علاوة فماذا حدث؟ وبعد بحث وتدقيق تظهر الحقيقة فنار ارتفاع الأسعار التهمت أضعاف تلك العلاوة.. ولكن أعتقد أن الرصيد يسمح بتوفير جزء ولو قليل فأين هذا الجزء؟ وبعد جهد في تحليل الأرقام تظهر المصاريف المدرسية لتخبرنا بأنها زادت بنسبة كبيرة لا تتوافق مع ما يقدم من خدمة تعليمية وأنه كلما كبر الأبناء أثقل كاهلك بالمصاريف المدرسية وأتخم جيب أصحاب المدارس بالمبالغ الطائلة.. يا سيدي مبروك عليهم المهم الفلاح والنجاح للأولاد، صحيح ممكن يتعبون حتى يحصلوا على وظيفة بعد التخرج ولكن يحلها الحلال في وقتها. هل من المعقول أن هذه هي تكلفة الكهرباء على مدار العام المنصرم..! أكيد شركة الكهرباء عندها خطأ في الحسابات ولكن دعنا نتحقق من الأمر ونراجع أسلوب حياتنا، فكل ابن لديه تلفزيون فى غرفته وجهاز كمبيوتر وموبايل وكلها أجهزة مستهلكة للطاقة كما أنها تحرمنا من استغلال طاقة اجتماعنا كأسرة تعيش تحت سقف واحد ونعيش مستقلين عن بعضنا البعض. ما علينا المهم الآن هو الأرقام.. أضف تكلفة المياه والشغالة والسواق والصرف الصحي.. إلخ لقد أرهقت العين وتكدس العقل بالعديد من العمليات الحسابية فيكفي هذا القدر من كشف الحساب الرقمي الذي كان رصيده الافتتاحي صفرا والختامي صفرا، وخرجت من العام الماضي صفر اليدين. يبقى أمامي كشف حسابي الروحي والذي أخشى أن أفتحه فإن الله حليم ستار.