لعله ضرب من الخيال أن يسأل المرء عن حجم المعلومات عالمياً، خصوصاً في ظل ثورة المعلوماتية التي وفّرت طرقاً لإعادة إنتاج المعلومات ونقلها وتداولها، إضافة إلى ابتكارها وتخزينها، ما يؤدي إلى مضاعفتها بسرعة فائقة. ولكن فريقاً من العلماء في جامعة جنوب كاليفورنيا، أصر على معرفة المدى الكامل للقدرة التكنولوجية للجنس البشري راهناً، عبر احتساب حجم المعلومات التي يخزنها البشر رقمياً ويتداولونها في ما بينهم. ونُشِرت نتائج دراسة الفريق في مجلة «ساينس» المشهورة التي تنطق بلسان «الجمعية الأميركية لتقدم العلوم». وأوضح البروفسور مارتن هِلبرت، وهو اختصاصي في التواصل والصحافة، أنها المرّة الأولى التي تسعى فيها دراسة الى تقويم المعلومات التي يتداولها البشر، عبر دراسة موثّقة. وتوصّلت الدراسة إلى أن حجم المعلومات المختزنة على الأجهزة الرقمية والوسائط التقليدية، يساوي 295 إكزا بايت، وهذا يساوي 295 مع عشرين صفراً على اليمين. ويعني ذلك أن عدد بايت المعلومات يفوق رمال صحارى العالم بما يزيد على 300 مرّة. ولكنها أقل من عُشر المعلومات التي يختزنها الحمض النووي الوراثي في الإنسان! وأثبتت الدراسة عينها أن العصر الرقمي ابتدأ عملياً في عام 2002. ففي ذلك العام، فاقت المعلومات المخزنة على الوسيط الرقمي، للمرّة الأولى، مجموع المعلومات المخزّنة على الوسائط الأخرى، خصوصاً الورق. ومع حلول عام 2007، مثّلت المعلومات الإلكترونية 97 في المئة من إجمالي المعلومات المتداولة بشرياً. وفي العام عينه، جرى بثّ قرابة 2 زيتابايت، أي اثنين مع 21 صفراً على اليمين، عبر التلفزة ونظام «جي بي أس» لتحديد المواقع الجغرافية على الأرض. ويساوي ذلك أن يقرأ كل شخص 174 جريدة يومياً! وإضافة الى ذلك، تبادل البشر بواسطة أدوات الاتصال، مثل الخليوي، 65 إكزابايت من المعلومات. ويشبه ذلك ان يتبادل كل شخص يومياً، المعلومات التي تحتويها 6 جرائد مع الآخرين. وفي العام نفسه، نفّذت الحواسيب العامة 6.4 مع 18 صفراً إلى اليمين، من الأوامر الحسابية. ويساوي ذلك تقريباً عدد الإشارات الكهربائية التي تدور في أعصاب دماغ بشري مفرد. ولو أن هذه العمليات الحسابية أُجريت يدوياً، لتطلب الأمر 2200 ضعف الزمن المنصرم منذ «الانفجار الكبير» («بيغ بانغ») عند بداية الكون، والذي يُقدّر بما يزيد على 13.6 بليون سنة! وبين عامي 1986 و2007، وهي الفترة التي غطّتها الدراسة، نمت قدرة البشرية على حوسبة المعلومات بمعدل 58 في المئة سنوياً، ما يفوق نمو الناتج المحلي للولايات المتحدة بعشرة أضعاف. وفي الفترة عينها، نمت الاتصالات بمعدل 28 في المئة سنوياً، والقدرة على تخزين المعلومات رقمياً بمعدل 23 في المئة. وعلّق هِلبرت على هذه المعطيات قائلاً: «إنها أرقام مدوّخة، لكنها تبدو تافهة تماماً مقارنة بالمعلومات التي تتداولها الطبيعة ومكوّناتها. في المقابل، يصل حجم العالم الطبيعي الى حدود تفوق أكثر العقول شططاً، لكنه يبقى ثابتاً نسبياً. وفي المقابل، تتزايد قدرة التقنية على حوسبة المعلومات بقفزات هائلة».