يظل الروتين الممل سمة بعض مؤسساتنا الخدماتية المترهلة، فالنظم والإجراءات الإدارية المعمول بها لا تتواءم مع عصرنا الحاضر، ففي مجملها الكثير من (الشوائب) وتفتقد كلية للآلية المرنة لسرعة الإيجاز والإنجاز، فنحن بحاجة لغربلة ما يعيق مسارنا التنموي النموذجي الذي تختطه حكومتنا الرشيدة، على كافة الأصعدة، مما جعل بلادنا مركز ثقل ثلاثي سياسيا واقتصاديا وأمنيا، نفاخر بها كمنظومة مستقرة وآمنة. ومع ذلك لازلنا بحاجة لتطوير مفاهيم ما هو متواجد من نظم إدارية وقانونية،- كرست غموض التعاطي معها ومن ثم التحايل عليها، مما خلق مركزية واستغلال سلطة قادتنا لفساد إداري واقتصادي. وجعل مشاريعنا التنموية تتعثر في غياب الرقابة الصارمة لملاحقة مقاولي الباطن، حينما تتم تجزئة هذه المشاريع لأكثر من مقاول ومن ثم يأتي العمل الرديء في البنية الأساسية. نتيجة قيام بعض مؤسسات وشركات مقاولات القطاع الخاص بإسناد جل أعمالها الإنشائية للغير، والذين بدورهم كونوا مجموعات مؤسساتية ليست لديها الكفاءة في تنفيذ ما تم إسناده إليها، فمن هنا كان التلاعب والتأخر ومن ثم الفشل في التنفيذ!، فكيف يرتجى منها تنفيذ دقيق وسرعة إنجاز، وهي مؤسسات دكاكين، ناهيك عن عمالتها التي حصلت عليها بفيز بغير وجه حق، أو من العمالة السائبة. لذلك أحكمت الدائرة وضاق الخناق على المستثمر الوطني الصغير، وطرد بدوره المواطن الباحث عن وظيفة. فاستشرى التلاعب والفساد. فالأنظمة مبهمة وشبعت من التلميع والترقيع. والمستفيد بهذه الحالة المتستر عليه سواء كان مشروعه صغيرا أم كبيرا.. هذا الكلام لم يلق على عواهنه، بل سمعته من مواطن يجادل في مؤسسة خدماتية، والذي من المفترض أن تسهل له كل الإجراءات. كمشروع وطني استثماري يعود ريعه للوطن والمواطن، فقد سمعته يقول للموظف من خلف الدائرة الزجاجية: يا أخي طولت أوراقي عندك. مما جعل الموظف يقول بامتعاض هذه هي الأنظمة والتعليمات، عجبك وإلا روح أشتكي للمدير، ثم أدار ظهره ومشى للداخل. مما جعل المراجع يستدير ناحيتي وجها لوجه، ويقول ساخرا: أروح لمين، واقول يامين ؟، قلت: للمدير، قال : (كل إناء ينضح بما فيه)، قلت: صح لسانك. وأعتقد أن هذا لا يعود للموظف بل هو عائد للنظم والقوانين المعمول بها.. وتعلم ثقافة مخاطبة الجمهور وإنجاز أعمالهم؟، فأين ما قيل عن ( الحكومة الالكترونية؟) هل هي قادمة على ظهر سلحفاة!؟، ليبقى المراجع تائها وكأن لسان حال الموظف يقول: ( للخلف در) !!.