ليست هذه المرة الأولى التي يجري الحديث فيها عن هدنة بين الفصائل الفلسطينية في غزة وبين الاحتلال الإسرائيلي، بل إن المعلومات تقول إن أحمد الجعبري القائد الميداني في كتائب القسام كان في صدد المراجعة النهائية للاتفاق على هدنة طويلة الأمد مع الجانب الإسرائيلي، إلا أن صواريخ القتل كانت الأسرع، لتقتل إسرائيل الهدنة وتشعل غزة بالنار مرة أخرى. باتت الحاجة إلى هدنة مسألة استراتيجية أكثر من أي وقت مضى، والسبب يعود إلى حالة التوازن الجديدة التي يبدو أن حماس نجحت في تثبيتها على الأرض، فلا الجانب الإسرائيلي قادر على الحسم والتخلص من غزة ورميها في البحر على حد تعبير رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين ولا حماس قادرة على تحمل حجم الدم الفلسطيني في غزة. إذن نحن أمام معطيات جديدة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خصوصا أن الموقف العربي كان أكثر شجاعة من أي وقت مضى، والذي أوفد وزراء خارجية عرب ومسؤولين آخرين على أعلى المستويات إلى القطاع. وهي رسالة بليغة لا يمكن لإسرائيل إلا أن تتصرف حيال غزة بموجبها، فغزة الآن ليست غزة 2008، وما على إسرائيل إلا القبول بهدنة حقيقية متينة والعمل على فك الحصار، أما اللجوء إلى هدنة مؤقتة هشة أشبه ببيت العنكبوت، فهو نوع من القناعة بتجديد الحرب إذا توفرت الظروف أو جرى تعديل ميزان التوازن العسكري، فالهدنة يجب أن تنطلق من الحاجة للأمن والسلام.