جيل الشباب اليوم مع ثورة تقنيات الإعلام والمعلومات وتوفر البيئة العلمية الحاضنة أصبح قوة كبيرة لا يستهان بها، ويحتاج إلى أن نفهمه أكثر وأكثر ونفهم متطلباته واحتياجاته، وأن نتعامل معه بعقلية عصرية بعيدا عن العقلية التقليدية.. نحتاج أن نزوده بالخبرات وبالوسائل والأدوات.. وعليه التفكير والتفكير الناقد في حل المشكلات وعملية اتخاذ القرار وتحمل المسؤولية، إذ لا بد أن نهيئ الوسائل والآليات المناسبة لكي يعمل الشباب ويبدع ويبتكر، وينبغي أن نحترم رأيهم وأن نكون عونا لهم لا حجر عثرة في طريقهم، ولا بد من تحفيزهم ثم تحفيزهم ثم تحفيزهم على العطاء، وهم دون أدنى شك قادرون على العطاء والإبداع والتألق والتفوق، إنهم طاقات هائلة إن تركتهم دون دعم وتوفير البيئة المناسبة فحتما سيصبحون طاقات مدمرة لأنفسهم وعائلاتهم ومجتمعهم، ولا بد أيضا أن نحسن الظن بهم ونفتح لهم الطريق لكي يوظفوا طاقاتهم بإيجابية ويلحقوا بعجلة التنمية التي تشهدها بلادهم، لابد من تبني أفكارهم ومشاريعهم الايجابية -وأقصد هنا القطاعين الحكومي والخاص- إذ يجب التحرك بخطوات أكثر نحو المسؤولية الاجتماعية، ولقد نجح كثير من رجال الأعمال في ابتكار مجالات وتوفير دعم مباشر وغير مباشر لتحويل طاقات الشباب إلى منتجات وخدمات متميزة.. ولعل من التجارب الناجحة باب رزق جميل.. وأتمنى أن تكون هناك أبواب رزق أجمل وأكبر من رجال أعمال آخرين وهم كثر والحمد لله.. وهذا ليس بغريب على مجتمعنا.. ولننظر أيضا ما يدور حولنا عند أشقائنا من اهتمام بإنشاء العديد من المدن المعرفية والإنسانية والخدمية ودعم روح الإبداع والابتكار. أيضا بعض الشباب ولا أقول معظمهم ينبغي أن ينفض غبار الكسل والخمول والتبلد والاعتماد على الغير وأن يعزز من قدراته وأن تكون له رؤى ورسالة وخطط وأهداف يسعى لتحقيقها مع توفر روح المبادرة والإرادة القوية. ولنا في ذلك تجارب شبابية سعودية حية في قوة الإرادة والعزيمة نحو النجاح والتفوق، فهاهو الشاب عمار هيثم بوقس لم تضعفه إعاقته الكاملة من السير في طريق النجاح حتى تفوق بإرادته القوية على كثير من زملائه الذين يملكون كافة قدراتهم الجسمية والحركية.. ومن الممكن التعرف إليه من خلال (فيلم عمار) عن طريق اليوتيوب. وها هي أيضا الدكتورة حياة بنت سليمان سندي شقت طريقها إلى العالمية بعد تجاوزها الكثير من العقبات الاجتماعية والتعليمية، حيث كان اهتمامها بقراءة قصص العلماء المؤثرين ما أشبع طموحها العلمي ومحاكاتهم وحصولها على الدكتوراه من جامعة كامبردج المرموقة فضلا عن ابتكاراتها ومشاركاتها العلمية مع كبرى الجامعات والمؤسسات البحثية الأمريكية وحصولها على جائزة مكة للتميز العلمي والتقني وهي تحظى بدعم من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل لأفكارها ومساهماتها الإبداعية ومنها تأسيس معهد للعقول النيرة بجدة وتنظيم مؤتمر علمي للشباب الموهوبين والمبدعين. وكنموذج ثالث يأتي المخترع الشاب مهند جبريل أبو ديه من أنشط المخترعين السعوديين بأكثر من 30 اختراعا الذي قال عنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بعد اختراعه للغواصة «إن الوطن يفخر بوجودك ضمن أفراده» ولم يعقه الحادث الذي أفقده نعمة البصر من مواصلة الإبداع والتفوق. ولا أشك أيضا أن عندنا أكثر من عمار وأكثر من حياة وأكثر من مهند بفضل استعداد الشباب وقوة إرادتهم وعزيمتهم فالشباب طاقات لا حدود لها. بقي نقطة مهمة وهي أن الأجيال أصبحت الآن أكثر تباعدا عن ما مضى ما يستدعي منا جميعا وقفة جادة لتجسير الفجوة بينها والعمل على قاعدة المثل الشعبي الذي يقول «إذا كبر ولدك خاويه».