صباح غد ننسلخ من عامنا الهجري القديم لتغتسل أجسادنا في أشعة شمس أول يوم في عامنا الجديد، والعام الجديد مثله مثل كل شيء جديد، يظهر في أعين الناس مملوءا بالجاذبية والبريق، مكتنزا بالوعود والتوقعات العذبة، فيفرحون به ويحتفلون بمقدمه ويظلون كذلك إلى أن يناله العتق فتذبل بهجته في أعينهم ويصير مثل كل قديم باهتا مهترئا لا بريق له ولا جاذبية فيه. اعتاد الناس أن يربطوا بين العام الجديد وما يكتنز في صدورهم من آمال متوقدة يرجون أن تجد طريقها إليهم وأن يلتقوا بها عبر أيامه وشهوره. لكن العام الجديد غالبا يأتي كسابقيه من الأعوام، خيرا على بعض وشرا على بعض، محققا آمالا وأحلاما لبعض ومخيبا آمالا وأحلاما لبعض، فالعام في طبيعته هو العام، ومن طبيعة الأعوام أن تظل متشابهة في حملها كما وصفها أحمد شوقي: (سنون تعاد ودهر يعيد لعمرك مافي الليالي جديد)، كل ما هنالك أن العام من طبيعته أن يجيء متدثرا بأردية ذات ألوان متعددة ووجوه متنوعة بعضها باسم وبعضها مكفهر وبحسب الوجه الذي يطل به العام على الناس يكون وصفهم لذلك العام، فتجد منهم من يصفه بعام الخير ومنهم من يصفه بعام الشر، ومنهم من يصفه بعام النصر ومنهم من يصفه بعام الهزيمة، وفيهم من يراه عاما للفرح ومن يراه عاما للحزن، تعددت وجوه العام التي يطل بها على الناس فتعددت صفاته. بأي وجه سيقابل كلا منا عامنا هذا؟ لا أحد يدري! لذلك يجري دفق الأماني والدعوات على ألسنة الناس رجاء أن يقابلهم عامهم بوجهه المشرق الزاهي وأن يغيب عنهم ما يخبئه في طياته من الوجوه الأخرى. أحيانا يكون العام سيئا بالغ السوء حتى ليود المرء لو كان بإمكانه طي الزمان على أجنحة البرق للتخلص من العام بعد أن أضنى قلبه بما ألقاه على صدره من الخيبات والنكبات ومر اللحظات. وأحيانا على عكس ذلك يكون العام فيضا من السعادة والهناءة حتى ليضن به المرء على الانتهاء فيود لو أن بإمكانه إيقاف عجلة الزمن لمنع العام من الرحيل خشية أن يكون في رحيله ما يفسد هناءة العيش الذي هو فيه. وفي الحقيقة يظل العام بريئا مما ينسب إليه من خير أو شر، العام بأيامه ولياليه لا يد له فيما يصيبنا من سعادة أو شقاء، وإنما هو الإنسان الذي يظل يلفق الأسباب وينسج التخيلات بحثا عن شيء يلقي عليه باللائمة. كثير من المؤمنين حين يستقبلون عامهم الجديد يتوجهون إلى الله أن يبارك لهم فيه وأن يجعل في إشراقته عليهم خيرا لهم، لكن كم منهم الذين يتوجهون إلى الله ليحمدوه أن مر بهم العام المنصرم وهم في خير وعافية لم يصبهم سوء رغم ما كان محملا به من كوارث ومصائب وشرور تساقطت على من حولهم واحدة إثر أخرى؟!. إنها طبيعة البشر التي تجعل الإنسان لا يرى ما أعطي له من خير ولا يقدر ما هو فيه من عافية، ويظل منشغلا بالتطلع نحو ما يغيب عنه ويبعد عن متناوله. فاكس 4555382-1 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة