يكاد لا يوجد شخص منا لم يذق كأس الخيبة مرة من المرات، بل ربما من الأصوب أن نقول إن من كان نصيبه احتساء كأس خيبة واحد هو محظوظ محظوظ، فهناك كثيرون يحتسون كؤوس الخيبات واحدا إثر الآخر، مرة بعد مرة. (فلو كان سهما واحدا لاتقيته،، ولكنه سهم وثان وثالث) كم من مرة صدرت أوامر بحل مشكلة تعذر حلها وإنهاء قضية أزمن تعقدها، فتطرب القلوب عند سماع خبر صدورها ويلتئم سريعا ما كان فيها من جراح الغم المزمنة، لتبدأ كل صباح ترف أهدابها شوقا لكي تلمس بيدها ذلك الفرج الغائب الذي ظلت طويلا تترقب طلته، فإذا بالصباحات تتسرب صباحا إثر صباح، وما من جديد يطل، كل شيء باق في مكانه لم تمتد له يد لتغيره !! كم من مرة اعتلى مسؤول كرسيه الجديد في بعض القطاعات فطارت تزقزق من حوله عصافير الآمال عسى أن يتحقق على يده ما لم يتحقق على يد من كان قبله، لكن الشمس تظل تشرق وتغرب، والمسؤول يحل ويرحل، والحال هو الحال!! كم من مرة في بعض القطاعات أعلن عن وضع حجر أساس لمشروع تطوير الأحلام العامة ورعايتها وصيانتها، فتغمض الأجفان فرحا وتسكن العيون الطمأنينة في انتظار ولادة الحلم المطور، ويطول النوم، ويطول، ولا حلم ولا حقيقة، لا شيء البتة!! كم من مرة تلألأت الوعود تتراقص برشاقة وحيوية في فضاء الكلام فتضيء بنورها الوجوه الشاحبة وتشرق بحيويتها الملامح الحزينة ويعم الفرح في انتظار ما سيأتي، لكن الأيام تمر، وتمر، والوعود الزاهية مازالت نائية كحبيبة غاضبة، والأخ عرقوب مسترخ على مقعده يلوك بلذة طعم الظفر. كؤوس الخيبة كثيرة في حياة الناس تسكب لهم في كل صعيد وتسري برودتها في عروقهم المتصلبة حينا بعد حين. لكن كؤوس الخيبة ليست واحدة وليست دائما تسكب بيد الآخر كما يدعي الناس، في بعض المرات الناس أنفسهم يسكبون الخيبة لأنفسهم. خيبتهم في سوق الأسهم حين خذلتهم وهم في قمة ثقتهم بها واطمئنانهم إليها، خيبتهم في أولادهم حين ينتظرون منهم وهم صغار أن يحققوا لهم كبارا أحلاما عجزوا هم عن تحقيقها، فيكبر الأولاد ولا يفعلون شيئا سوى تكرار عجز آبائهم، خيبتهم مع أنفسهم، أم الخيبات، حين يعدونها أن يكونوا مخلصين لها لا يفعلون سوى ما يرضيها، فإذا بهم يخذلونها عبر فشل في الدراسة أو عجز عن العثور على عمل أو تورط في زواج تعيس، أو سقطة في تجربة عاطفية مرة.. كل تلك الخيبات، خيبات سقتها لهم أيديهم، ولم يسقها لهم أحد آخر، وهي خيبات تتعدد أسبابها وتختلف، هي أحيانا تكون بسبب غياب التفكير الجيد، وأحيانا لعدم بذل الجد والجهد الكافي، وأحيانا لعدم الحذر والإفراط في حسن الظن. فكم من خيبة تذوقها حسنو الظن حين وقعوا في مصائد مضاربات الأسهم ومساهمات العقار وغيرها، ويبدو أن العباس بن الأحنف لم يجاوز الحق حين تأوه حسرة على خيبته التي جرعها له حسن ظنه: (أسأت إذ أحسنت ظني بكم،، والحزم سوء الظن بالناس). فاكس: 4555382 1 للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة