هناك ثلاثة عوامل رئيسية أدت إلى هذه الهزيمة الكبيرة التي لحقت بالفريق الأهلاوي أمام فريق أولسان الكوري وحرمته البطولة الآسيوية.. وبالتأكيد فإنه ليس من بين هذه الأسباب تفوق صاحب الأرض والجمهور من الناحيتين الفنية والتكتيكية؛ لأن الفريق وإن بدا أفضل من الأهلي إلا أن هذه الأفضلية برزت لأن الفريق الأهلاوي قدم مباراة ضعيفة وأظهر مستوى غير متوقع لبطل وصل إلى هذه المرحلة بعد جهد جهيد وإعداد أحسب أنه جيد سواء من الناحية (المعنوية) أو (الفنية) وهو إعداد تغلب على نقط الضعف والاختلال الكبير في منطقة الظهر بكاملها. ?? وتلك العوامل هي: - أولا: القراءة الجيدة لمدرب الفريق الكوري للفريق الأهلاوي وتعرفه على نقاط الضعف الأساسية فيه ونجاحه في رسم خطته النهائية على أساسها. فقد فقد الفريق الأهلاوي ظهيره الأيسر منصور الحربي بحكم الإيقاف، وشغل الموقع بلاعب جديد هو وليد باخشوين، وهو وإن لم يقصر في أداء ما هو مطلوب منه، إلا أن الفارق في الخبرة من جهة وفي السرعة في التعامل مع الكرة في منطقة حساسة جعل من هذه المنطقة ممرا سهلا الى حد «ما». ونفس الحال كان بالنسبة لمنطقة الظهير الأيمن إذ لم تمكن الإصابة كامل المر من أن يجاري اللاعب الكوري المقابل له لعدم جاهزيته من الناحيتين الصحية واللياقية، وكان منفذا سهلا لاختراقات جانبية أشد خطورة. ?? ورغم معرفة المدرب الكوري لنقطتي الضعف في منطقة الظهيرين الأهلاوية، إلا أن تركيزه كان أشد وطأة على منطقة وسط الدفاع الأهلاوي (باليمينو/ بلغيث) بهدف تمزيقها وخلخلتها؛ باعتبارها منطقة القوة المفترضة والمتبقية في الدفاع الأهلاوي. ?? وقد استخدم المدرب الكوري الكرات الطويلة والعالية والمكثفة للإبقاء على الهجمات الكورية أطول وقت ممكن في منطقة دفاع الأهلي وبذلك حقق الأهداف الآتية: ?? (1) ألغى دور الوسط الأهلاوي إلغاء تاما ولم يعد يقوم بأي مهمة من المهام.. لا المهمة الهجومية التي كان عليه أن يقوم بها -ولم يفعل لتخفيف الضغط على دفاعه- ولا هو قام بمهمة الدفاع المتقنة ومؤازرة الأظهرة الأربعة في قطع الكرة، وبدء هجمة جديدة على الفريق الخصم، ولا هو قام بالانتشار على الأطراف لمشاغبة الحركة الكاسحة للفريق الكوري سواء من متوسطي الهجوم الموجودين على الأطراف أو من الظهيرين اللذين قاما بدور فعال في مساندة الهجمات ورفع كرات عديدة للإبقاء على الهجمة في منطقة دفاع الأهلي أطول وقت ممكن. ?? (2) شل هجمات الأهلي تماما وقطع الصلة بين وسطه وهجومه ووجد (فيكتور) و(الحوسني) نفسيهما معزولين تماما.. وبلا كرة في المقدمة وإن حاول (الحوسني) التقهقر إلى الوسط لاستلام كرة وبدء هجمة بها، لكنه لم يوفق في ذلك لغياب المساندة.. ?? (3) وسع المسافة بين هجوم المقدمة الأهلاوي عن طريق التركيز على (فيكتور) ومراقبته بدقة والانقضاض على الكرة قبل استلامها.. وذلك بالتعامل المتقن مع الكرات الهوائية.. أو بالاعتماد على اللياقة البدنية العالية.. أو بالسرعة في الوصول إلى الكرة قبل تمكن فيكتور منها.. وبنجاح متوسط الدفاع الكوري في ملاحقة (فيكتور) كظله.. وجد (الحوسني) نفسه معزولا تماما.. فلا هو استلم كرة صحيحة من الوسط.. ولا هو حصل على تمريرة واحدة من فيكتور.. ولا هو استطاع أن يتبادل المراكز معه بحرية تامة.. فكان يتحرك دون كرة.. ودون هدف.. ودون تركيز حتى استنزف لياقيا في الشوط الأول من المباراة ولم يعد له وجود بعد ذلك.. ثانيا: غياب الخطط الأهلاوية البديلة.. واستمرار المباراة على (رتم) واحد منذ البداية حتى النهاية وكان المدرب جاروليم قد استسلم للفارق الكبير في الأداء بين الفريقين.. فلا هو غير الخطة وبدا أكثر واقعية في التعامل مع المباراة ولعب مدافعا واعتمد على الهجمات المرتدة المتقنة.. ولا هو عالج حالة الضياع لمنطقة وسط الملعب لديه وفقدانها السيطرة على الكرة.. وتنظيم صفوفها بسبب (توهان) تيسير الجاسم.. وتفكك الصلة بين (البصاص ومعتز) لغياب الرابط وموجه حركة اللعب ودينمو الفريق وشخصية القائد غيابا تاما.. ولا هو ايضا أحسن التصرف وغير عناصر اللعب وانزل من هم اكثر جاهزية لإكمال المباراة.. لأنه -على ما يبدو- لم يكن مطمئنا إلى اكتمال إعداد لاعبي الاحتياط لياقيا ونفسيا وفنيا.. بدليل تأخره في إنزال (الجيزاوي) وتردده في إراحة (فيكتور) الذي لم يكن له وجود بالمرة إما لإصابته.. وإما لعدم توفيقه في أداء مباراة حاسمة كهذه.. وإما لأن رهان مدرب الفريق الكوري على الغاء وجوده قد نجح نجاحا تاما، وبالتالي فإن مدرب الاهلي يتحمل أكثر من (60%) من اسباب الهزيمة لأنه -على ما يبدو- لم يكن قد أحسن قراءة الفريق الكوري بنفس الاتقان الذي قرأ به هذا المدرب فريق الأهلي.. وما كان مطلوبا منه بعد الهدف الأول الذي كشف حالة الارتباك الشديد في خط دفاعه -وهو شيء معروف ومتوقع- هو .. أن يعيد النظر بسرعة في أدوار الوسط الأهلاوي.. ويعمل على إعادة تنظيم صفوفه بإعطاء تعليمات واضحة وشديدة للاعبي الوسط (تيسير/ مصطفى/ معتز) بأن ينظموا حركتهم بصورة أفضل ولا يلعبوا على خط واحد.. وإن احتاج إلى دعم هذه المنطقة بلاعب رابع على حساب أحد لاعبي الأطراف المغيبين تماما بحيث يتواجد محور الدفاع في منطقة متأخرة لمساندة متوسطي الدفاع وفك اختناقات الدفاع ويجنح (تيسير) يمينا ويتبادل المراكز مع (البصاص) بالسرعة المطلوبة التي افتقدتها منطقة وسط الأهلي.. وهي السمة التي يشترك فيها (تيسير والبصاص) رغم جهدهما المعروف وان كان يظل جهدا منقوصا لبطئهما في تصريف الكرة ونقلها بسرعة كافية ومساعدة هجوم المقدمة على الحركة الافضل.. ?? غير ان شيئا من ذلك لم يحدث وظلت الصلة مقطوعة بين خطوط الفريق الثلاثة تماما.. وهي مسؤولية يتحملها (فيكتور) في المقدمة و(تيسير) في الوسط.. وباليمينو في المؤخرة بدرجة متساوية.. لأنهم ساهموا في شل حركة الفريق بل وشل تفكير المدرب وتمكين الفريق الكوري من السيطرة على الملعب والوصول الى المرمى الاهلاوي بسهولة ودون ادنى مقاومة تذكر، وساعد على ذلك الحارس (عبدالله المعيوف) الذي لم يتمكن من التصدي لكرات الفريق الكوري السهلة.. وإن كان لا ذنب له بصورة مباشرة في تحمل أخطاء الدفاع الذي كان ضعيفا في الارتقاء ومجاراة هجوم الفريق الكوري الذي اتقن التمركز في مناطق حساسة ومفتوحة مستفيدا من ارتباك الدفاع الاهلاوي الذي كان يقف خلف المهاجم وليس أمامه.. ويتحرك بعد وصوله للكرة وإسكانها في شباكه لسوء التوقيت والارتقاء عنده.. ثالثا: دور وتأثير العامل النفسي في تكييف المباراة وتمكين الكوريين من السيطرة عليها منذ اللحظة الأولى.. فقد وضح منذ اللحظة الأولى أن الكوريين لاعبين ومدربا وجمهورا كانوا اكثر تهيؤا من الناحية النفسية لحسم المباراة لصالحهم؛ لأنهم لم يجدوا فرصة أثمن من هذه الفرصة التي يلعب فيها فريقهم على أرضه وبين جماهيره وأمام كأس البطولة مقابل فريق يعاني أكثر لاعبيه من الاصابة وضعف اللياقة ومن التوتر النفسي الشديد بسببين اثنين هما: اولا: أن الأهلي فريق لم يكتسب ثقافة اللعب على البطولات وكانت لديه مشاعر سالبة بأنه قد لا يتمكن من الحصول عليها بناء على التراكم التاريخي الطويل وذلك خطأ ما كان يجب ترك اللاعبين يستسلمون له إلى الحد الذي ظهروا به. وثانيا: إن الشعور المكثف لديهم بأن فريقهم ناقص وان إصاباتهم بالغة وإن صفوفهم غير مكتملة قد تمكن منهم وساعد الفريق الكوري على الاستحواذ على اللعب .. ولعب المباراة بفارق الروح والإصرار والحماس الذي غطى الكثير من عيوبهم وأوجه النقص لديهم. *** ?? لهذه العوامل مشتركة حقق الفريق الكوري الفوز على الأهلي.. بل ونجح في تحقيق بطولة آسيا مع أنه ليس الفريق الأفضل من النواحي الفنية واللياقية والمهارية. ?? وبالتأكيد فإن الفريق الاهلاوي قد ساهم في تحقيق الكوري لهذه البطولة.. لأنه كان أقل جاهزية من الفوز بها.. من الناحية اللياقية وكذلك من حيث التعامل المدروس مع مباراة كهذه.. وهو ما ساهم فيه المدرب بقسط وافر.. وساعد عليه اللاعبون من ذوي الخبرة بدرجة أساسية.. ?? ورغم كل ذلك فإن أمام الأهلي فرصة حقيقة في مواصلة المستوى الكبير الذي ظهر به في الدوري العام أو في التصفيات الأولية لخوض سباقات الكأس الآسيوية عندما لعب بتكتيك جديد وفكر كروي جديد يعتمد السرعة في الأداء.. وتغيير خطط اللعب التي اعتاد عليها وتخلت عنها دول أمريكا الجنوبية.. وقدم نموذجا مميزا يؤكد هذا التغيير عندما لعب مباراة مختلفة أمام فريق الاتحاد قبل هذه المباراة.. وإن كانت مباراة الأمس قد اثبتت أن الفريق الأهلاوي لعب أمام الاتحاد بروح المنافسة التقليدية والتاريخية أمام الاتحاد بينما كان عليه أن يلعب بنفس الروح وهو يرى كأس البطولة تلمع أمامه.. الأمر الذي يؤكد أن ثقافة لعب الكرة الاوروبية ما زالت غائبة عن الفريق حتى الآن.. وأن التحول اليها بات مطلوبا شريطة أن يستفيد من أكاديميته في صنع جيل جديد.. يلعب الكرة السريعة.. ويمتلك بالإضافة إلى المهارات، لياقة قادرة على لعب (90) دقيقة بنفس واحد.. وهو الذي لم يتحقق للأهلي حتى الآن.