منذ البداية.. لابد وأن نؤكد على ثلاث حقائق عن «الأهلي» وتتمثل في الآتي: أولا: إن الفريق الأهلاوي .. كان ومازال وسوف يستمر في مقدمة الفرق «المهارية» .. إلى درجة المبالغة في بعض الأحيان وتعطيل الكرة بفعل بطء الحركة ونقل الهجمات والتخلص من الكرة بأقصى سرعة ممكنة. ثانيا: إن مستوى اللياقة البدنية بين أكثر اللاعبين يخذلهم في أكثر الأحيان عن لعب مباراة كاملة مدتها (90) دقيقة .. والسبب في ذلك على ما يبدو نقص الجرعة اللياقية .. ربما لعدم كفاية التمارين .. بسبب عدم توفر عنصر «الانضباطية» والاسترخاء الشديد عند بعض اللاعبين الأساسيين وربما لعدم كفاءة أو كفاية الطاقم الفني المكلف بجوانب اللياقة .. وربما لسوء برامج التغذية للاعبين وعدم تقنينها وتنظيمها. ثالثا: إن مشكلة الفريق الأهلاوي الدائمة كانت في المنطقة الدفاعية .. وإن جميع التعاقدات الخارجية لم تشمل هذه المنطقة .. وحتى إعادة «لومينو» إلى هذه المنطقة مؤخرا جاء بمحض الصدفة .. لأنه محسوب على منطقة الوسط سواء من الناحية «المهارية» أو «البدنية» أو من الناحية التكتيكية .. وإن المنطقة الأكثر تركيزا للتعاقدات هي «الهجوم» .. وإن ندر التفكير الأهلاوي في منطقة الوسط التي كانت في أكثر الأحيان «جيدة» إلى وقت قريب. •• هذا هو الأهلي .. كرة جميلة .. وممتعة .. ولكنها باردة .. وغير «مباغتة» .. تماما كأي وجبة صحية تعدم الدسم ولكنها لا تشعرك بالشبع الكافي. •• لكن هذه الصورة «الفنية» للأداء العام لفريق النادي الأهلي تغيرت تماما منذ تسلم مهمة التدريب فيه مدربه الحالي «جاروليم» .. حيث أخذت المجموعة تبتعد كثيرا عن الكرة الأمريكية الجنوبية «المملة» .. وتقترب إلى حد كبير من الكرة الأوروبية .. بالحركة الأكبر على الأطراف .. وسرعة التخلص من الكرة في الوسط .. وفي الحيوية للهجمات .. وفي تنويع اللعب بين التمريرات القصيرة على طريقة الكرة الإسبانية وفريق «البرشا» بصورة أكثر تحديدا .. وبين «التمريرات» الطويلة على الطريقة الإنجليزية «المانيو» و»الأرسنال» .. إلى حد ما .. وبين استخدام الكرات العرضية في بعض الأحيان تبعا للخطة الموضوعة وتوزيع المهام في وسط الملعب وحيوية وحضور «تيسير الجاسم» بصورة أكثر تحديدا .. وعلى الطريقة الإيطالية. •• تغير التكتيك .. كما تغيرت طبيعة المهام والأدوار .. وزاد معدل السرعة .. وتبادل المراكز بين اللاعبين ولاسيما في منطقتي الوسط والهجوم .. وبالذات بعد أن التحق العماني «عماد الحوسني» بالفريق وزاد معدل حيوية «منصور الحربي» على الطرف الأيمن.. وتضاعفت حيوية الهجوم بحركة «فيكتور» ومسحه لمنطقة المقدمة بجهد بدني عال .. وبشيء من التفكير .. وقليل من المهارة أيضا. •• لكن المنطقة التي ظلت تعاني حتى الآن .. وأبانت الفارق بين أداء هجومي متميز .. ووسط متذبذب .. وغير مستقر .. هي منطقة الدفاع .. منطقة الخطر .. منطقة الخلل الرئيسية في الفريق .. وإن حاول المدرب معالجتها ولكن بصورة هي أقرب إلى «الترقيع» منها إلى بناء خط دفاع قوي البنية .. متكامل الأدوار وعلى درجة من الذكاء .. والتعاون .. وسد الثغرات. •• فقد اعتمد خط الظهر على القوة البدنية أكثر بكثير من الاعتماد على «التكامل الخططي» .. وتبادل الأماكن بسرعة .. وإعادة بناء الهجمة من الخلف.. وبدء عملية الانتشار للفريق عبر الأطراف. •• ولم تكن المشكلة «فقط» في نقص الناحية المهارية لدى بعض اللاعبين .. أو في نقص الخبرة لدى البعض الآخر .. أو في الارتجالية في مواجهة الهجمة المقابلة فقط.. وإنما كانت وباستمرار في عدم توفر الحد المطلوب من التجانس .. وتكامل الأدوار لتوفير تغطية محكمة .. وسد جميع المنافذ على الفريق الخصم. •• وحتى المدرب الحالي «جاروليم» لم يتمكن من تصحيح أوضاع هذه المنطقة تصحيحا كاملا حتى الآن .. إما لتعرض الكثير منهم للإصابات بدءا بمحمد مسعد.. وانتهاء بكامل المر .. وإما بسبب عدم استقرار تشكيلة خط الظهر لفترة طويلة وكافية لحصول التجانس المطلوب حتى الآن. •• وأنا لا أحمل لاعبي هذا الخط كامل المسؤولية وحدهم .. بقدر ما أحمل المدربين الذين تعاقبوا على الفريق .. ولم يعطوا هذه المنطقة الأهمية الكافية التي تستحقها بدءا بصناعة محاور دفاعية قوية تساند خط الظهر .. وتسد فجواته .. وترتد الى الوراء في الوقت المناسب .. وتخفف الضغط على المناطق الحساسة فيه (18 6). •• ولأن وسط الفريق ظل معنيا بالهجوم أكثر من الدفاع. •• ولأن أطراف الفريق بفعل حركة الوسط غير المتوازنة كانت تعاني من العزلة ولا تجيد التحرك أماما .. أو التراجع خلفا في الوقت المناسب تبعا للخطط التي يكلف اللاعبون بتنفيذها .. فإن الدفاع ظل يعاني كثيرا .. ولاسيما من الكرات العرضية التي تزيد في ارتباكه .. وتؤدي في بعض الأحيان إلى تميز الفريق المهاجم عليهم في ذروة نشاطهم .. وكثرة اندفاعاتهم إلى المقدمة .. وتباعد المسافات بين خطوطهم ولاسيما في ظل الهجمات السريعة المرتدة عليهم. •• إن هذه العيوب مقابل تلك المزايا .. تؤشر إلى أن مشكلة الأهلي الأبرز والأكثر احتياجا إلى المعالجة هي في «المحاور». ولعل ما يؤكد ذلك هو أن الفريق شهد أفضل فترة فيه عندما كان «كماتشو» و«تيسير الجاسم» ومعتز الموسى .. يقومون بهذه المهام بكفاءة عالية .. وبحركة كافية .. وبدرجة أقل من الارتداد خلفا. •• وعندما ترك «كماتشو» الأهلي وعاد إلى الشباب ثانية وحل محله «موراليس» شعرنا بالفارق سواء في السرعة .. أو في الحركة الدائبة أو في القيام بدور المحور المتقدم لدعم الهجمة أو التراجع لتعزيز خط الظهر أو «المجنح» يمينا ويسارا لتبادل المراكز مع الأجنحة .. أو للتصدي للكرات الثابتة والدقة في تصويبها على المرمى وتحقيقه العديد من الأهداف منها في وقت يكون فيه الهجوم قد عجز عن القيام بوظائفه وكذلك في التمرير المحكم والدقيق لكرات قاتلة للمهاجمين من بين مدافعي الفريق الخصم. •• هذا الفارق هو الذي جعل مدرب الأهلي أقل حماسا لإشراك «موراليس» في المباريات الأخيرة ولاسيما أمام الاتحاد إلى ما قبل نهاية المباراة بوقت يسير .. وبالذات بعد أن أصيب كامل المر .. وخرج معتز الموسى .. وأصبح الأهلي يعاني في أكثر مناطقه حساسية وتخلخلا .. ولو كان الاتحاد أحسن حالا مما ظهر به في هذه المباراة .. وبوسطه المتضخم لحقق نتيجة غير مسبوقة أيضا. •• لكن الفريق الأهلي .. رغم فداحة الإصابات التي لحقت به .. ورغم محدودية الخيارات التي كانت أمام مدربه في التغيير إلى الأفضل .. استطاع أن يخرج بالحد الأدنى من الخسارة في تلك المباراة. •• والسؤال الآن هو: •• كيف هو حال الأهلي الآن؟! •• وما هي فرص تحسن أدائه في المباراة الحاسمة القادمة؟ •• وهل يلعب الفريق أمام الاتحاد بروح المستميت للفوز وعدم الخروج مبكرا من الآسيوية.. أو يضحي بها .. ولا يجازف بإنزال لاعبين مصابين .. وغير مكتملي اللياقة .. ويجهزهم بصورة أفضل حتى يضاعف فرص تقدمه في المسابقات المحلية والعربية والخليجية الأخرى؟ •• إن هذا القرار وإن كانت تملكه إدارة النادي وهيئته الإشرافية العليا .. إلا أنه يعتمد اعتمادا كليا على الاستراتيجية التي يتبعها النادي انطلاقا من التقارير الفنية .. والصحية .. واللياقية التي يقدمها المعنيون عن الفريق. •• وبالتأكيد فإن قراراً كهذا يجب أن يتخذ بشجاعة كافية وبحساب دقيق للأرباح والخسائر .. وفي مقدمتها حسابات الاستمرار الأطول في المسابقات .. وتأمين سلامة اللاعبين .. وتجنب روح «المجازفة» التي برزت في تشكيلة الفريق التي لعبت أمام الاتحاد وكادت تكلف النادي الكثير. •• ولا يعني ذلك أن يستسلم الفريق .. ويسلم قيادة المباراة للاتحاد منذ البداية .. أو أن يعلن لجماهيره قبلها أنه قد حدد خياراته على أسس صحيحة .. وأن مباراة الحسم الأربعاء لا تهمه كثيرا .. وإنما يتوجب عليه أن يختار لهذه المباراة العناصر الأكثر جاهزية لمواجهة الاتحاد .. وأن يصحح المدرب الخطة التي توفق بين أهمية المباراة (من الناحية النفسية) للأهلي وبين مجرياتها التي يجب التعامل معها بحذر شديد وهدوء أكثر من المباراة الماضية. •• ولعل الأكثر أهمية في مثل هذه الظروف هو أن تساعد إدارة الفريق وجماهيره اللاعبين على أدائها بعيدا عن الضغط النفسي .. ولاسيما إذا عرفت الجماهير (مبكرا) أن الفريق معني بأداء مباراة راقية ونظيفة .. بصرف النظر عن النتيجة للاعتبارات التي تجب مصارحة الجماهير بها وفي مقدمتها استمرار إصابة أبرز اللاعبين الأساسيين أو الاحتياطيين وفي مقدمتهم «المر» و«المسعد» و«فيكتور» و«الجيزاوي» و«الحوسني» .. وإحلال عناصر جاهزة ومهيأة لأداء مباراة أفضل من الشباب أو الصف الثاني بمن فيهم «المحياني» وبدر الخميس ومحسن العيسى وغيرهم. *** •• وفي كل الأحوال.. •• وفي ظل ظروف مباراة كهذه .. •• وبناء على ما تسرب من معلومات عن الفريق الاتحادي وأوجه النقص التي ستصيبه .. سواء بحكم الإصابة لبعض لاعبيه المهمين وفي مقدمتهم «أسامة المولد» أو مخافة التوقيف ل«هزازي» لوجود كرت لديه. •• في ظل كل تلك الظروف السلبية أو الإيجابية فإن الأهلي يستطيع تجنب هزيمة من العيار الثقيل في المباراة القادمة إذا تحققت الأمور التالية: أولا: الخطة المناسبة .. للتغلب على حالة التفاوت الكبير بين خطوط الفريق الثلاثة (الدفاع/الوسط/الهجوم).. ولعبوا بتوازن شديد بصرف النظر عن هاجس النتيجة .. وتحركوا على الأطراف بكفاءة كاملة. ثانيا: توزيع الجهد على كامل وقت المباراة بدلا من استنزافه من الشوط الأول بهدف حسمها مبكرا .. وهو توجيه وتخطيط لا يتناسب وطاقات لاعبي الأهلي اللياقية المحدودة .. بدليل توقف أكثرهم عن مواصلة اللعب في الشوط الثاني من المباراة السابقة بنفس القوة والحرارة والحماس والجهد الذي قدموه في شوطها الأول ونجح الاتحاد في تجنب خسارته .. بل نجح في استنزاف كافة الأهلاويين فيه .. وتوقفهم عن الحركة في الخمسين دقيقة التالية بما فيها (الوقت الاإضافي). ثالثا: الإبقاء على العناصر الأساسية (المجهدة) أو (المصابة) مثل «فيكتور» و«الحوسني» و«معتز» في دكة الاحتياط وبالذات فيكتور .. وإعطاء الفرصة للجيزاوي في حالة اكتمال وضعه الصحي للعب منذ البداية وتوفير الحركة والحيوية المطلوبة للهجوم .. وتوزع الأدوار بينه وبين الحوسني .. والمحياني بصورة متوازنة ودون مبالغة أو اندفاع غير محسوب في المقدمة .. والاستعانة «بالمعتز» في وسط الملعب بعد فترة كافية من بدء الشوط الأول.. أو في الشوط الثاني.. لضمان استمراره إلى النهائية كطاقة ذات حيوية عالية لوسط يعاني في الأصل.. رابعا: وضع اللاعب المناسب في المكان المناسب بدلا من وضعه في مواقع حساسة .. لا تناسبه لا من الناحية اللياقية .. ولا من الناحية التكتيكية كما حدث للاعب الناشئ والمتميز (مصطفى البصاص) الذي رأيناه غير مستقر .. يلعب ظهيرا أيمن في بعض المباريات ومحورا في مباريات أخرى .. ولاعب طرف في مباريات ثالثة. والشاب وإن كان طاقة جديدة واعدة .. إلا أن توظيف قدراته الا يميل إلى التفكير .. والإمداد .. والحركة في منطقة وسط الملعب .. بعيدا عن خصائصه هذه .. سوف لن يسهم في حل مشاكل الأهلي المزمنة في دفاعه أو وسطه فحسب .. وإنما سيقضي على اللاعب نفسه. •• ونفس الملاحظة تنسحب على الاستخدامات غير الدقيقة لشباب النادي (محسن العيسى) و(يحيى عتيق) و(عقيل بلغيث) وهم عناصر واعدة لكنها تحتاج إلى الاستقرار في مواقع محددة .. وإلى إيكال مهام واضحة لهم .. بدلا من أن يكونوا مجرد عناصر «نجدة» للفريق .. على حساب قدراتهم وإمكاناتهم ومهامهم الطبيعية.. في المجازفة ببعضهم في مباريات كبيرة بدلا من التدرج بحساب. •• وحتى الفلسفة التي اتبعها المدرب تجاه منطقة الحراسة فإنها بحاجة إلى إعادة نظر .. وإلى قرار .. وإلى التحديد بدقة لمن يكون الحارس الأول .. ومن يكون الحارس الثاني .. ولماذا؟ ولأهمية معالجة الناحية البدنية لدى الحارس الشاب المتميز (عبدالله المعيوف) لأن منطقة الحراسة تتطلب إلى جانب الفراسة وحسن التوقيت في الخروج على المهاجم .. وفي السرعة في التوجه نحو الزاوية المنشودة يمينا ويسارا .. أو ارتفاعا تحتاج إلى مستويات لياقية أفضل لتعزيز ثقة المدرب فيه وعدم اهتزازه أمام الهجمات المباغتة. *** وفي ظل هذه الحقائق .. فإن الأهلي قد لا يتمكن من تطبيق الخطة (3/4/3) التي يتوقع أن ينتهجها الاتحاد لأنه الأكثر جاهزية من الناحيتين العناصرية والتكتيكية وبالتالي فان لجوءه إلى خطة متوازنة يتوزع فيها اللاعبون بحساب .. اعتمادا على مهاجم صريح واحد .. ومهاجمين من الخلف مع محور متقدم ومحورين متحركين أماما وخلفا وعلى الأطراف وخط دفاع لا يقف على مستوى واحد كما حدث في المباراة السابقة. وبهذا التشكيل المتحفظ والمتوازن (1/2/3/4) يستطيع الأهلي أن يصمد طويلا .. وإن أحسن المدرب إدارة الفريق خلال المباراة .. وتعامل كابتن الفريق «تيسير» داخل الملعب بذكاء .. ومنع حالة «الانهيار» فإنه لا يستبعد أن يحقق الأهلي نتيجة أفضل .. وأن يوقف زحف الاتحاد وإصراره على الخروج بالفوز والصعود إلى التصفيات النهائية للآسيوية .. وهو تصميم يتوقف الحد منه على الناحيتين اللياقية والفنية للاعبي الأهلي .. وفي التوازن بين الخطوط .. داخل الملعب بحيث يستفيد الأهلاويون بصورة أفضل من عاملي الأرض والجمهور .. ويحولون ضعفهم إلى قوة .. وحسن تصرفهم في إدارة المباراة إلى فوز .. فكيف إذا لعب الأهلي بكامل قوته وبطاقمه المعهود وعالج الخلل في منطقة الوسط .. وتمركز مدافعوه بصورة أفضل في خط الظهر .. ولم ينزلقوا وراء المهاجمين ويتركوا منطقتهم نهبا لمهاجمي الاتحاد الذين يتميزون بالقدرة على اقتناص الفرص البسيطة وتحويلها إلى أهداف وبالذات إذا لعب نايف هزازي وفهد المولد في المقدمة ووجدا مساندة حقيقية من (سوزا) من الخلف .. ونجح كريري و(أمبابي) في استغلال مناطق الضعف الأهلاوية في منطقة الوسط بصورة أفضل.