أكد وزير الخارجية الإيطالي جيليو تيرسي أن بلاده حريصة على تعزيز العلاقات مع المملكة، مشيرا إلى أن روما تحتفل في هذا العام بمرور 80 عاما على تأسيس هذه العلاقة، واصفا إياها بالاستراتيجية. وأوضح تيرسي في حوار ل«عكاظ» أنه سيجري تنظيم ندوة للعلاقات السعودية الإيطالية في روما الأسبوع الحالي لتسليط الضوء على محاور هذه العلاقات وسبل تطوير العلاقات التاريخية بين البلدين، موضحا أن منطقة الخليج تعتبر منطقة استراتيجية وحيوية، لا سيما حين يتعلق الأمر بالأمن والاستقرار، وفي السياق نفسه تحدث عن الملف النووي الإيراني وعلى أهمية تعاون طهران. وحول الأزمة السورية، أقر وزير الخارجية الإيطالي، بصعوبة الحل لهذه الأزمة، موضحا أن بلاده تواصل التشاور مع اللجنة العربية المعنية بالشأن السوري لإيجاد مخرج يؤمن الحماية للشعب، الذي يتعرض للمجازر اليومية دون أن يفعل المجتمع الدولي أي شيء. وفيما يتعلق بالانتخابات الأمريكية، اعتبر صديق الرئيس أوباما، أن الشعب الأمريكي اختار رئيسه وفق القواعد الديمقراطية، منوها بالتحديات الكبيرة التي سيواجهها الرئيس الأمريكي في الفترة الثانية من رئاسته.. فإلى نص الحوار: • يشهد هذا العام مرور 80 سنة على العلاقات السعودية الإيطالية.. أمام هذا التاريخ من العلاقات.. ماذا تقول وبماذا تصفها؟ • إن بلادي تقدر العلاقة المميزة مع المملكة وهي شريك استراتيجي وتجاري مهم لإيطاليا ويربطنا مسار دبلوماسي مبني على الاحترام المتبادل وعلى الثقة بين البلدين وسوف تكون هناك اتصالات مكثفة بين روماوالرياض، فنحن نرى أن الرياض تقوم بدور هام جدا ومحوري في المنطقة ونعمل سويا في إطار خيار دبلوماسية الحوار والتفاهم واحترام الآخر وكلها مبادىء أرساها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لينقل للعالم صورة واضحة عن مفهوم الدبلوماسية السعودية.. كما أننا نتعاون مع السعودية في ملفات تتعلق بالموضوعات السياسية الهامة في الشرق الأوسط وملف حوار الأديان والثقافات ومكافحة الإرهاب وبرأيي أن الملف الأخير يدخل في إطار مفهوم الحوار وتحقيق السلام عبر المسار الدبلوماسي وهو الأمر الذي يحد من الإرهاب في أي مكان في العالم وعلى هذا الأساس نتعاون مع المملكة ونعمل على التنسيق الأمني والاستراتيجي بين البلدين. • كيف تقيمون العلاقات الإيطالية الخليجية؟ • الحقيقة أني أكدت في الآونة الأخيرة وأكثر من مرة كان آخرها خلال محاضرة ألقيتها في برلين أن العلاقات مع مجلس التعاون الخليجي العربي تشكل أهمية وخيارا استراتيجيا لإيطاليا فنحن من جانبنا نسعى لتأمين احتياجاتنا للطاقة وتأمين العلاقات الاقتصادية والسياسية مع المنطقة وهذه الملفات نتعامل بها جنبا الى جنب .. أي أننا لا نترك ملفا لنفضل آخر عليه فالكل يصب في الاهتمام المشترك للجانبين، خاصة الملف الأمني والعمل على تثبيت الأمن والاستقرار في الخليج والتعاون للحد من الهجرة غير الشرعية، وأرى أن تبادل الزيارات وتكثيف التشاور الدبلوماسي بين الجانبين ينمي العلاقات المشتركة ويدعم الثقة المتبادلة بيننا وبين دول مجلس التعاون الخليجي العربي. • لنتحدث عن أبرز الأزمات في المنطقة.. ما زلتم تنادون بحل سياسي للأزمة السورية.. فهل هناك من جدوى؟ • تقلقنا جدا الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الشعب السوري واللاجئون السوريون، وبرأيي أن الوضع الإنساني في هذه الأزمة يحتاج إلى الكثير من الجهد لدعم العدد الكبير من اللاجئين وتجنب خطر التورط في عصابات الاتجار بالبشر، كما شاهدنا وصول عدد من اللاجئين عبر قوارب إلى إيطاليا.. فالأزمة بلغت حدودا إنسانية لا تطاق. ونطالب بوقف العنف فورا وتوحيد صفوف المعارضة وهو أمر يتوقف عليه إنجاح الخطوة التالية لانتقال سياسي ديمقراطي يعيد سورية إلى الشعب السوري.. وأكرر أن البعد الإنساني بات في غاية الخطورة وهو يشكل حالة طوارىء ملحة سواء للسوريين داخل سورية أو لدول الجوار ولقد قمت مع زميلي وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس بحث الاتحاد الأوروبي على الحفاظ على دوره المحوري سواء من أجل حل الأزمة السورية أو للانتقال في مرحلة ما بعد الأسد وتعزيز هذا الدور. • هل ترون أن نظام الأسد مستعد لحل سياسي؟ • للأسف لا نرى تجاوبا من النظام رغم أن الأحداث التي نشهدها في سورية أصبحت دراماتيكية للغاية.. نحن مهتمون باجتماع المعارضة بالدوحة، كما أننا نعول الكثير على الاجتماع المشترك بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية هذا الأسبوع، حيث نناقش الأوضاع في سورية وقضية السلام في الشرق الأوسط.. والحقيقة أن الأزمة السورية كانت ضمن مقابلات عديدة أجريتها مؤخرا، وكان منها لقائي لرئيس الوزراء السوري الأسبق رياض حجاب الذي انشق عن النظام وتشاورنا حول الوضع السوري ومهمة المبعوث الدولي العربي الأخضر الإبراهيمي وأكدت في هذا اللقاء على أننا نتعامل مع الخيار السلمي والدبلوماسي كما ندعم العقوبات الأوروبية على سورية وبالطبع اتفقنا على دور لروسيا وموقف موحد من مجلس الأمن. إن أي تحرك خارج نظام الأسد لا بد أن يكون موحدا.. فالمعارضة السورية أينما كانت لا بد أن توحد صفوفها حتى يمكن الانتقال إلى خطوة ما بعد الأسد الذي فقد شرعيته. • كنتم أول وزير أوروبي يقوم بزيارة مقديشو.. ماذا حملت هذه الزيارة؟ • إنها زيارة هي الأولى لوزير خارجية إيطالي منذ عام 1992 ولقد حرصت في هذه الزيارة على التأكيد لدعم إيطاليا الكامل للدولة الصومالية الفيدرالية الموحدة ودعمنا لنص الدستور الجديد الذي يحترم الحقوق الأساسية للإنسان. في الوقت نفسه نهتم جدا بمسألة مكافحة القرصنة ونحن في هذا الإطار أكدنا على أننا نقف بجانب القدرات الصومالية في مجال الأمن كملف أساسي وبالطبع سنقدم كل الدعم من أجل تأسيس المؤسسات الدستورية ونحن حريصون على تقديم الخبرة في مجال العدالة ودعم الشرطة الصومالية. • عرقلة عملية السلام في الشرق الأوسط باتت تشكل مأزقا لإيطاليا.. كيف تتوقعون مسار السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية؟ • بالطبع السلام في الشرق الأوسط مسألة حيوية بالنسبة لإيطاليا ويعتبر اختيارا استراتيجيا للسياسة الخارجية الإيطالية ونأسف أن هذا العام مر بدون أن نتوصل إلى حل سلمي أو بدون استئناف المفاوضات بين الجانب الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية ولذلك فنحن نؤيد جميع الجهود التي تصب في خيار السلام ونحث الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على العودة إلى دائرة المفاوضات المباشرة، خاصة أن الأوضاع في سورية تجعلنا نسعى للعجلة لتحقيق السلام في المنطقة، ولذلك أقول أيضا أنه ينبغي الحفاظ على مبدأ وقف إطلاق النار الذي تراقبه الأممالمتحدة في الجولان نظرا لأن هذه المنطقة تؤثر بشكل كبير على أمن واستقرار المنطقة. • ماذا عن مسار الملف النووي الإيراني.. ما رأيكم؟ • بالطبع هذا أمر مهم جدا.. نحن حريصون على التوصل مع إيران الى اتفاق حول برنامجها النووي، وفي الوقت نفسه نتعاون في إطار المؤسسة الأوروبية من أجل تفعيل العقوبات على ايران.. ولقد شهد هذا العام بعض التصريحات الإيرانية التي تهدد السلام في المنطقة ومن هذا المنطلق نقدر جهود الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي دعا في شهر أغسطس الماضي الى القمة الاستثنائية وحضرها الرئيس أحمدي نجاد.. فعبر هذه القنوات يمكن الضغط على إيران لكي تتعاون مع المجتمع الدولي فيما يخص ملفها النووي.. كما أن هناك ملفات سياسية هامة مطروحة على الساحة، وأهمها الآن هو الأزمة السورية.. في الإطار نفسه أؤكد على موقف بلادنا الرافض لأي خيار عسكري باتجاه إيران. • دعنا ننتقل إلى أمريكا.. بحكم العلاقة الشخصية والقريبة من الرئيس الأمريكي باراك أوباما.. كيف تقرأون نتائج الانتخابات الأمريكية؟ • إن النتائج جاءت بخيار الشعب الأمريكي وهذه نتيجة ديمقراطية في وقت صعب بعد تعرض الولاياتالمتحدة لعواصف ساندي.. فضلا عن أن الرئيس الأمريكي الجديد سيكون أمامه الكثير من العمل لا سيما ما بعد ساندي وهو الأمر الذي يتطلب إعادة البنية التحتية للمدن التي تعرضت للدمار ثم الوضع الاقتصادي الداخلي للبلاد، إذ من المتوقع أن تغلب في البداية الملفات الداخلية للبلاد، إلا أن السياسية الخارجية وحرص الولاياتالمتحدة على المشاركة الدولية ستبقى ضمن التحديات التي ستكون على أجندة الرئيس الأمريكي الجديد.