في كل انتخابات رئاسية في الولاياتالمتحدةالأمريكية يطرح السؤال عن الفوائد التي يجنيها العرب خدمة لقضاياهم المحقة ولا سيما في فلسطينالمحتلة، من الرئيس الجديد ويتردد الكلام نفسه عن اهمية إنشاء لوبي عربي مواز للوبي الصهيوني الناشط والواسع النفوذ، علماً أن عدد اليهود في أمريكا ليسوا أكثر من أعداد العرب والمسلمين، لكنهم ينجحون في مساعيهم لدعم إسرائيل فيما يفشل العرب والمسلمون. ويغفل المهتمون بالشأن العربي عن أن الحجم الحقيقي لليهود ليس هو أساس قوة اللوبي التابع لهم بقدر ما أن لليهود التقليديين تراثاً دينياً وثقافياً مشتركاً مع الكنائس الإنجيلية المختلفة ذات النفوذ القوي لدى البيض الأمريكيين، كما أن لليهود العلمانيين وشائج تاريخية مع اليسار الأمريكي عموماً ومع الحزب الديموقراطي خاصة وكذلك مع الأقليات العرقية لا سيما اللاتينية منها وهي من الطائفة الكاثوليكية. بعبارة أخرى، فإن يهود الولاياتالمتحدة متغلغلون في كلا جانبي المجتمع، فإن فاز المرشح الديمقراطي يكون ذلك بدعم يهودي، وإن فاز المرشح الجمهوري فسيكون اليهود في مفاصل أساسية من فريق عمله. ومهما تكن هوية الفائز فسيكون داعماً بالمطلق لإسرائيل، ولن يتمكن أي رئيس جديد من فرض أي شيء على إسرائيل بخصوص الأراضي المحتلة ووضع القدس. وكم من مرة دعم فيها الناخبون العرب والمسلمون مرشحاً معيناً باعتباره الأقرب إلى تفهم القضايا العربية فكانت النتيجة خيبة أمل عميقة، ولعل الرئيس باراك أوباما من أكثر الرؤساء محاولة لمخاطبة العالم الإسلامي، نظراً إلى جذوره السابقة، أو لأنه كان مهيئاً أكثر من غيره لهذا الدور، لكن حين وصل إلى مقاربة الأزمة المتمادية في فلسطينالمحتلة لم يستطع فعل شيء البتة، فكيف يكون حال غيره من الرؤساء سواء أجاء ميت رومني الآن أو جاء غيره في القادم من السنوات؟ هذا لا يعني أن مكانة إسرائيل ما زالت هي ذاتها مع انقضاء الحرب الباردة أواخر الثمانينيات أو تغيير النظام العراقي عام 2003، أو انتشار الثورات الديمقراطية في بعض أجزاء العالم العربي لا سيما في دول الجوار لإسرائيل، ويتبدى هذا التغير في الخلاف الحاد حول كيفية معالجة الملف النووي الإيراني بين أوباما ونتنياهو، لكن هذا بالذات ما يدل على أن تبدل المعادلة لن يكون داخل الولاياتالمتحدة ولا عبر انتخاباتها الرئاسية، بل من خلال التغير العميق للظروف الإقليمية والدولية المحيطة بإسرائيل ودورها كقوة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمصالح الغرب.