كشف ل«عكاظ» رئيس اللجنة التحضيرية والتنفيذية لأعمال الحج الدكتور عبدالعزيز الخضيري أن ثمة توجها لإطلاق جامعة متخصصة تعنى بشؤون الحج والعمرة في منطقة مكةالمكرمة وتعمل على تأهيل الكوادر المتخصصة بما يضمن تحقيق مفهوم صناعة الحج، مؤكدا أن القائمين في لجنة الحج التنفيذية لا يأبهون بالحرب الإلكترونية التي تشن ضدهم واصفا من يقف وراءها «بعدم المنصفين». وأكد في حوار مع «عكاظ» أن العقوبات والأنظمة بحاجة للمراجعة الشاملة لضمان منع أي تجاوزات تحدث في مواسم مقبلة مشيرا إلى أن دراسات تطويرية أوشكت على الانتهاء بما فيها تسوير المشاعر المقدسة وفرض عقوبات لمخالفي الحج. فإلى نص الحوار: • ما دوركم في اللجنة التحضيرية والتنفيذية لأعمال الحج؟. • اللجنة التحضيرية والتنفيذية وحدت الجهود المبعثرة بين كافة الجهات الحكومية وعملت على استقصاء كافة البيانات التحضيرية للجنة الحج المركزية، وعملت على تقريب وجهة النظر بين كافة الجهات العاملة، وألغت ما يسمى المسؤولية الفردية وتحولت المسؤولية إلى مشتركة ومن خلال هذه اللجنة قضينا على الرقابة السلبية وهي التي كانت تدفع بعض الجهات لكشف أخطاء جهات أخرى فما كان من أن كل جهة تحاول تصيد أخطاء الأخرى زمن ولى وانتهى، لهذا فهذه اللجنة تعد واحدة وقلبا نابضا لكافة الجهات والتي من خلالها يمكن لصناع القرار اتخاذ ما يرونه مناسبا. وبهذا يكون العمل في الحج عملا مؤسسيا لايعتمد على الأفراد بل يعتمد على الرؤية الموحدة ولا يتأثر بمن جاء أو رحل، وهذا ما نتعارف عليه حاليا بقطاع الحج. • وما الجديد لديكم من الدراسات التي بالإمكان أن تكون نقطة تحول في صناعة الحج؟. • ندرس حاليا إطلاق جامعة خاصة بالحج والعمرة وإدارة الحشود البشرية، وفق رؤية أمير المنطقة وستكون جامعة متخصصة للعلوم الصحية أو الطبية والهندسية والاجتماعية والأمنية، تدرس كل ما يخص علم الحج وما يرتبط به وتخرج الكفاءات المؤهلة لصناعة الحج وستكون منارة يمكن من خلالها إشاعة مفهوم صناعة الخدمة في الحج ومن خلال التدريب والتأهيل والدراسات البحثية ذات العلاقة. كما سنعمل على تخصيص قوة متخصصة لأمن الحج ثابتة وغير موسمية وهذا ما سيقود لمزيد من النجاح والتأهيل. • ألا ترى أن دور اللجنة يتقاطع مع دور لجنة الحج المركزية؟. وهل تملكون صلاحيات تنفيذية أم دوركم مقتصر فقط على الرفع للجنة الحج المركزية لاتخاذ القرار؟. • ليس الأمر كذلك فنحن سكرتارية للجنة الحج المركزية وذراع تنفيذي ولا تقاطع معها مطلقا، وفي الحقيقة لدينا الصلاحيات الكاملة لمعالجة أي اختلالات ميدانية طوال الموسم وهي صلاحيات مطلقة في الميدان، وصوتنا مسموع لدى كافة الجهات المشاركة، نحن غرفة عمليات متحركة نرصد ونعالج فورا، هدفنا ليس فقط إنجاز العمل بل هدفنا تحقيق عمل مؤسسات متكامل مستدام لا يرتبط بالأشخاص وليس صحيحا أن تكون اللجنة فقط. • ما أبزر التحديات التي واجهتكم في الميدان؟. • التحديات متعددة لكن الأبرز هو بناء المدن وهدمها في المشاعر المقدسة هو تحد كبير لا يمكن أن تتخيل أن مدينة كاملة تبنى وتهدم في عرفات، فتخيل أن الرافعات فقط تستغرق 60 يوما لتركيبها ونقلها وذلك لاستكمال المشاريع القائمة إلى جانب ما ينشأ من دورات مياه ومطاعم وغيرها. • ما الهاجس الذي ما يزال يؤرقكم كعاملين تنفيذيين في الحج؟. • النقطة السوداء وهي الافتراش، هذه الظاهرة التي تتجه صوب تقييد كافة الجهات في تنفيذ مهامها بشكل لائق، الحجاج غير النظاميين لايمكن أن يجعلوا من عملنا مثالا للعمل الناجح، وهذا بطبيعة الحال أمر مقلق لنا. ومن خلال دراسة ميدانية للباحثين في معهد خادم الحرمين الشريفين تبين أن أغلبية الحجاج غير النظاميين هم من المقيمين الذي أدوا فريضة الحج أكثر من مرة، ويستغلون وجودهم في مكةالمكرمة والمدن القريبة في الحج. • شكت جهات حكومية من تعثر المشاريع بسبب المقاولين، والطرق التقليدية في العقود الحكومية، هل بحثتم آلية لاستثناء مشاريع مكة من ذلك؟. • المشاريع المتعثرة عولجت في المشاعر المقدسة هذا الموسم، وهذا أمر متروك للمالية وأعتقد أن لديهم المبررات المنطقية في البقاء على نمط واحد من نظام التعاقد، ولم يسبق لنا التباحث معهم في هذا الشأن لكن بشكل عام نحن في المملكة بأمس الحاجة لمراجعة أنظمتنا المالية الوظيفية والإدارية، للارتقاء بالقطاع الحكومي للمنافسة قبل أن تتهرب منه كافة الكفاءات. الدولة لم تتأخر في توفير كافة الاعتمادات المالية لتطوير مكةالمكرمة لكن الأزمة أزمة تنفيذ أحيانا ولك أن تتخيل أن ثمة قرابة 3800 مشروع متعطل أو متأخر فى تنفيذه بالعاصمة المقدسة مؤخرا ليس فيها مشروع سببه عدم توافر الاعتمادات المالية لها، وإنما كان سببه الأول المجاملات بين المسؤولين، والثاني: ضعف الكفاءات التي تعمل في الإشراف على هذه المشروعات، والثالث: ضعف المقاولين أوما يسمون ب (مقاولي الباطن). وهذه أزمة حقيقية تحتاج لمزيد من العمل والتكامل للتخلص منها ومع هذا فالدولة حريصة على المضي قدما في تنفيذ مشروعات تطوير مكةالمكرمة لتكون في أبهى تكاملها عبر استراتيجية تطويرية تنموية ضخمة بعد اعتماد المخطط الشامل للعاصمة المقدسة. • حدثنا عن دراسة فرض نظام تجريم لمخالفي الحج، أين وصلتم فيه؟. • نعمل حاليا على وضع نظام لتجريم المخالفين في الحج حيث يوجد توجه لتجريم أي عمل يخالف نظام الحج ويخل به، بما فيه الافتراش والحج غير النظامي من خلال دراسة رفعت لوزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز والتي نصت على وضع عقوبات رادعة كالغرامات والسجن وذلك خلال السنوات المقبلة لكل من يخالف أنظمة الحج وننتظر الموافقة عليها. سمعنا عن الأوامر السامية التي تمنع الحج دون تصريح، وكذلك ما أفتى به مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، وكثير من العلماء، بأن مخالفة نظام الحج مخالفة لتوجيهات ولاة الأمر، وهي إساءة لهذه الشعيرة العظيمة هذا ما ندعو له لأن أي عمل أو نظام دون عقاب فهو نظام عقيم لا يمكن تنفيذه على أرض الواقع لأنه يفقد الأجهزة المعنية بتطبيقه مصداقيتها وعملها ولا بد أن ندرك أنه من الصعوبة تمكين كل السعوديين الراغبين في أداء فريضة الحج، موضحاً وجود نسبة محددة للسعوديين كباقي الدول، لابد من الالتزام به كبقية الدول بنسبة الحجاج ونحن يجب أن نكون قدوة لبقية الدول الإسلامية. • يذهب البعض إلى القول إن هذا العمل هو ضرب من الصد عن سبيل الله وهناك حرب إلكترونية ضدكم، كيف تقرأون ذلك؟ • لا ضير من كل هذه التهم التي لم تستثن أحدا، نحن نعمل وفق رؤية شاملة لتطوير المنطقة والمشاعر المقدسة، ولا نتأثر بموجات النقد اللاذعة فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يستقبل بالورود بل حاربه أعداؤه وثابر 23 سنة وكل إصلاح محارب وهذه قاعدة معروفة، والفئات التي تقف ضدنا في هذه المعارضة إما أن تكون جاهلة بكل التفاصيل أو غير مدركة للمصالح الكبرى بتحقيق كل هذه المشاريع، ولعلي أتوجه بالسؤال لهؤلاء، هل الوضع الراهن من المظاهر السلوكية غير المناسبة يمثل الوجه الحقيقي للحج والشعيرة، هل هذه التجاوزات مقبولة؟. • هل درستم جيدا أسباب الافتراش؟ • الدراسات التي أعدت عن ظاهرة الحجاج غير النظاميين وافتراشهم في المشاعر، أظهرت أن المسبب الرئيس لنشوء هاتين الظاهرتين السلبيتين، هو المبالغة في أسعار حملات الحج، لهذا الأمر صدرت التوجيهات بضرورة إيجاد الحلول الكفيلة لمعالجة هذه المشكلة. وهناك جهود مبذولة من قبل وزارة الحج، أسهمت منذ عامين في حظر حملات حج ال(vip )، وإطلاق برنامج حج منخفض التكلفة بالمشاركة مع عدد من الجهات والمؤسسات المصرح لها بتقديم خدماتها لحجاج الداخل، وستواصل الوزارة تنفيذ البرنامج وإخضاع شركات الحج لمعايير تقويم أداء الشركات. ومؤسسات الحج على الرغم من حصولها على الترخيص لمزاولة النشاط، لابد من الإشارة إلى أن تقارير الأجهزة الرقابية المشاركة في مواسم الحج الماضية، أكدت أن حملة الحج «عبادة وسلوك حضاري». • رصدنا خلال هذا الموسم مواطنين ومقيمين يقومون بتهريب الحجاج من المنافذ، كيف ستواجهون مستقبلا مثل هذه التجاوزات؟. • من المؤسف حقاً أن المواطنين المتورطين في ارتكاب المخالفات، يرتكبونها وهم يدركون جيدا مخالفتهم للنظام، ولذلك يلجأون إلى سلوك طرق بديلة وعرة معرضين أنفسهم ومن ينقلونهم إلى الخطر، وكل ذلك من أجل ربح مبالغ مالية، ولذلك حرصنا من خلال حملة الحج عبادة وسلوك حضاري إلى توعية هؤلاء المخالفين وتذكيرهم بضرورة الالتزام بالنظام، وفي الوقت نفسه تحذيرهم من العقوبات، التي يعرضون أنفسهم لها، التي تشمل الغرامة المالية والسجن ومصادرة المركبة. • أنتم مع فرض العقوبات ضد المخالفين أليس كذلك؟. • أغلبية تلك الظواهر السلبية تم القضاء عليها أو تحجيمها بسبب فرض العقوبات التي يتم تطبيقها على المخالفين، أما الحج من دون تصريح فنظراً لعدم إيجاد العقوبات الرادعة لمن يحج من دون تصريح، فإن أعدادهم في تزايد مستمر عاما بعد عام، فعلى سبيل المثال عندما انطلقت حملة «الحج عبادة وسلوك حضاري» انخفض عدد الحجاج غير النظاميين في عام 1429ه إلى أقل من 600 ألف حاج وانخفض العام الذي يليه بنحو 55 ألف حاج، لكن عندما لم ير المخالفون أن هناك عقوبات رادعة لمن يخالف الحج بدأت أعدادهم في التزايد، ففي عام 1431ه ارتفع العدد إلى أكثر من 900 ألف حاج مخالف لنظام الحج، وفي عام 1432ه زاد العدد على مليون حاج، وهذا العام 1433ه وصل العدد إلى أكثر من 1.5 مليون حاج غير نظامي، هذا الازدياد غير المبرر من عديد من المقيمين إقامة نظامية في المملكة أثر بشكل سلبي في كل الخدمات التي تقدم لحجاج بيت الله الحرام. • هل تشخص لنا مشكلة التدافع الذي حدث بجوار محطة قطار المشاعر؟ • الأدهى أن هذا العام كاد يحمل معه كارثة إنسانية بسبب إصرار أكثر من 200 ألف حاج غير نظامي على استخدام قطار المشاعر دون الحصول على بطاقات صعود القطار، ما أدى إلى الازدحام الشديد على بوابات القطار وتأخر الحجاج النظاميين لأكثر من ست ساعات في تلك المحطات، مع ما صاحب ذلك من تزاحم وتدافع، لولا رحمة الله لحدث ما لا تحمد عقباه. ولقد أوضحت إحصائيات أعداد الحجاج غير النظاميين لهذا العام، التي أصدرتها مصلحة الإحصاءات العامة، أن عدد الحجاج غير النظاميين بلغ أكثر من 1.5 مليون حاج، منهم على سبيل المثال أكثر من 260 ألفا من الجنسية المصرية وأكثر من 200 ألف من الجنسية الباكستانية وأكثر من 70 ألفا من الجنسية الهندية وأكثر من 60 ألف من الجنسية اليمنية ثم بقية الجنسيات الأخرى، هذه الأعداد المتزايدة من الحجاج غير النظاميين الذين يسعون إلى أداء هذه الفريضة كل عام دون الإحساس بأهمية احترام نظام الحج وتعليماته، مع أن أكثر من 70 في المائة منهم سبق لهم الحج أكثر من مرة، وبعضهم حسب الدراسات التي أجريت معهم سبق لهم الحج أكثر من عشر مرات وبعضهم تجاوز الثلاثين مرة. إن الاستمرار في التهاون مع الأعداد المتزايدة من الحجاج غير النظاميين الذين مع الوقت سيزيدون على الحجاج النظاميين، يتطلب العمل على سرعة إعداد منظومة متكاملة من الإجراءات والإنشاءات والأنظمة التي تمنع الحج بدون تصريح والتشدد في ذلك، خصوصا مع الإخوة المقيمين ممن ثبت تورطهم الدائم في هذه المخالفات المسيئة لهم ولإخوانهم الحجاج النظاميين ولسمعة المملكة العربية السعودية والإسلام، وهم بهذا الفعل المشين يعطون المادة الدسمة لمن يرغب من غير المسلمين في الإساءة للإسلام من خلال بث الصور التي تظهر الإنسان المسلم وهو يؤدي هذه الشعيرة مفترشا الشوارع ونائما على المخلفات، وفي الوقت نفسه تعطي المرجفين الفرصة للإساءة لهذا الكيان العظيم المملكة العربية السعودية وجهودها في خدمة ضيوف الرحمن.