تغير حال الوجوه في مدينة الحجاج، وبعد أيام من تباشير الفرح والزغاريد التي انطلقت من أفواه الحجاج القادمين من بلادهم إلى المملكة، تمهيدا لأداء مناسك الحج، تبدلت الملامح، حيث غمرت الدموع العيون الباكية معبرة عن لغة الوداع التي ترجمت مدى ارتباط الحجاج بالأراضي المقدسة. واكتظت مدينة الحجاج بمطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة أمس، بقوافل الحجيج، وتحديدا المغادرين إلى دول الخليج، الذين قدموا من مكةالمكرمة تمهيدا لمغادرتهم الأراضي السعودية إلى أوطانهم وفق البرنامج الزمني المعد لذلك من قبل وزارة الحج والجهات المعنية بمراقبة التفويج، عبر الخطط التي أعدتها لمراقبة نقل الحجاج بعد أن من الله عليهم بأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، وسط منظومة الخدمات المتكاملة والرعاية الشاملة التي وفرتها أجهزة الدولة. وبحسب مصادر بالمطار، فإن صالة المغادرة شهدت هدوءا يوم الثالث عشر من ذي الحجة من خلال انسيابية حركة الحافلات القادمة من مكةالمكرمة، وانتظام سير الرحلات، إذ لم يظهر أي ازدحام أو تعطل لحركة الطيران، في وقت أكدت المصادر أن هناك رحلات دولية اتجهت إلى الكويت والإمارات وقطر على متن الخطوط السعودية، إضافة إلى الرحلات الداخلية إلى الدمام والهفوف وحائل. وفيما أعرب الحاج عزيز المطيري، من دولة الكويت، داخل صالة المغادرة بمدينة الحجاج عن سعادته بما حباه الله تعالى من فضل بأداء المناسك، مشيرا إلى أنه لا يستطيع وصف شعوره وهو يغادر المملكة، على الرغم من أنها المرة التاسعة التي يؤدي فيها المناسك، وقال «لم نواجه بفضل من الله، أية مشاكل خلال أداء مناسك الحج، وها نحن ننتظر المغادرة إلى بلادنا، وهي لحظات قاسية عند وداع الأراضي المقدسة، بل نحن في شوق لها قبل صعودنا إلى الطائرة، بعدما عشنا فيها أجواء روحانية لا نشاهدها في أي مكان في العالم». واعتبر خليفة حسن من دولة الإمارات، والذي أنهى إجراءات سفره، أن ما وجده من خدمات يعجز عن الوصف، مشيرا إلى سعادته بأداء مناسك حجته الأولى الذي ظل ينتظرها منذ سنوات طويلة، وقال «أشكر الله عز وجل على أن مكنني من أداء هذا الركن المهم من الإسلام، وثانيا شكرا للمسئولين الذين عملوا على راحة ضيوف الرحمن»، مبينا أنه «منذ سنوات وأنا أنوي الحج، لكن الظروف المادية وقفت أمام تحقيق رغبتي حتى تمكنت من ادخار جزء من مرتبي، وتحققت لي أمنيتي». وفضحت الدموع حال مواطنته الحاجة أمينة علي، معترفة أنه يصعب فراق هذه البلاد ولا تنساب الدموع، وقالت «لا أريد أن أفارق المكان وتمنيت لو أجلس لأيام غير أننا مرتبطون بمواعيد رحلات وأبناء ينتظرون قدومنا بفارغ الصبر، ورحلة سفرنا في الرابعة عصرا وجميع أفراد أسرتي في مطار دبي منذ الصباح». وأعرب مدير العلاقات العامة والإعلام المتحدث الرسمي في الهيئة العامة للطيران المدني خالد الخيبري، عن أمله في أن يكون هناك تعاون من الحجاج في الالتزام بمواعيد المغادرة، وكذلك مواعيد القدوم إلى المطار، حتى لا تحدث ثغرات زمنية من الممكن أن تسبب تكدسا وزحاما في صالات المغادرة، مشيرا إلى أنه تم تجهيز 14 صالة في مجمع صالات الحج والعمرة تبدأ باتجاه واحد هو المغادرة وهناك من يغادر من مطار المدينةالمنورة وأيضا من مطار الملك عبدالعزيز بجدة، إضافة إلى خطة محكمة وجيدة لعملية تفويج الحجاج وقدومهم قبل الرحلة بست ساعات، ولن يحضر أحد إلى المطار إلا قبل رحلته مما يحد من التكدس. ولفت إلى أن هناك تواجدا مستمرا من المسئولين في الهيئة العامة للطيران المدني وفي مطار الملك عبدالعزيز الدولي لمتابعة الحركة، والعمل على تسهيل مغادرة حجاج بيت الله الحرام بعدما أدوا المناسك بكل يسر وسهولة.