عندما تشرق شمس العيد تتداعى إلى نفسك وخاطرك ذكريات وظلال أشخاص ومواقف أفراح وأحزان تتذكرها حينا فتتمنى عودتها، وتقطب حاجبيك حينا آخر وتحمد الله أنها خرجت من حياتك ! ولكن كم منا أحصى عدد الضحكات والتقطيبات ! عندما يهديك القدر فرصة أخرى لتصحيح مسار خاطئ كنت قد سلكته ذات يوم فتتراجع أو تتوانى عن اقتناص تلك المنحة الإلهية فإنه من العبث التباكي بعد ذلك أو الوقوف وحيدا حزينا تندب حظك التعيس ! هناك مواسم لإعادة تقييم تجربة أو التأمل في واقع أو اختيار طريق كل تلك التداعيات الحرة تقبض عليها جمرا وأنت وحيدا تراقب شمس العيد الغاربة، وكأنك على موعد مع الشاعر سعدي يوسف وهو يشدو: هذا أوان الدموع التي تضحك الشمس فيها، وهذا أوان الرحيل إلى المدن الفاضلة في طريق ذكريات العودة تحف بك الأشواك وتتهادى إلى مسامعك أصوات الضحكات وهي تعلن الرحيل إلى أماكن وزوايا كانت معتمة قبل أن ينبلج نور الأمل في نواحيها، ولكن كيف ولماذا وهل ؟ أسئلة مقلقة تبرز أمامك كألغام مختبئة خلف لحظة الدهشة وبزوغ الضوء عندها لك الخيار ولكنه الخيار الأصعب واللحظة الأضعف في حلم العودة ! يقول عبدالعزيز المقالح عن وجع السؤال ولحظة الضعف تلك: ما أوجع السؤال .. يعصرني .. يحفر في الأعماق والعيون .. دوائر الظنون .. ويورق الأشجان والظلال. يجرك العيد حنينا مرة وفرحا مرات كثيرة، فرحا برؤية البسمة على شفاه البراءة من حولك، وحنينا تفسره مقولة أعجبتني كثيرا أعتقد أنها كشفت سر حنيننا الجارف للعودة للزمن الجميل «فحين نمر بالأماكن التي تحمل الكثير من الذكريات، ونقف أمام كل زاوية مسترجعين كل الأحداث، في الواقع نحن لا نشتاق لتلك الأوقات فقط، بل إننا نشتاق لأنفسنا كيف كنا حين ذاك، نشتاق لذاتنا أكثر من الأماكن» فهل شوقنا المبالغ فيه لذكرياتنا هو حاجة خفية لا نعلمها، لذواتنا الضائعة منا في زخم الحياة ؟!!.