يرى كثيرون من الناس أن روح العيد تكمن في بهجته، وأن العيد لا يكون عيدا إن لم يأت محفوفا بالابتهاج!، لذلك إن كنت من الذين تأبى البهجة أن تزورهم طيلة العام وتظل تتهرب من اللقاء بهم بحجج متنوعة، فإنك واجد في يوم العيد ما يردعها عن ذلك الهرب، فالمتوقع أن يسوق العيد البهجة فتأتي لزيارتك ضاحكة مشرقة إن لم يكن بمحض إرادتها فنزولا عند السلطة العامة لإرادة العيد!!. هكذا يظن كثيرون من الناس، أو لنقل هكذا يريدون من العيد أن يكون، يريدون من العيد أن يكون وكيلا عاما للبهجة يسوقها إليهم مرغمة فيغسل بها عن قلوبهم ما تراكم من الأحزان ويجلو من صدورهم ما أثقلها من سود الأحداث، يريدون من صباح العيد حين يشرق أن تشرق معه شمس بهجتهم الغائبة وأن تضيء بشعاعها ما أظلم من أيامهم فتجد الابتسامات طريقها من جديد إلى شفاههم الذابلة وتنتعش أرواحهم الذاوية بماء الفرح. توالي رسائل الجوال يذكرك بأن اليوم عيد وأن العيد موسم للبهجة، تنساب الرسائل تحت بصرك جميلة وعذبة بعباراتها الرشيقة الأنيقة، لكنها تنساب باردة لا دفء فيها ولا حياة فتعجز عن معانقة البهجة من خلالها وتضيع عليك فرصة العثور على البهجة بين طيات رسائل العيد. تقرر الخروج بحثا عن بهجة العيد الضائعة وتظل تتنقل في الطرقات بحثا وتنقيبا، فتؤكد لك الشوارع أن اليوم عيد، وأن العيد لا مكان فيه لغير المبتهجين، الناس كلهم مبتهجون بدليل هذا الزحام الذي يخنق الشوارع، وهذه السيارات التي تغص بالناس داخلها تجري بهم مسرعة للحاق ببهجة العيد، وأنت؟ أنت لا تختلف عن الناس فأنت ما خرجت إلا لتلحق بالبهجة، لكن البهجة تركض مبتعدة عنك، تنفر منك، تصر على أن تلفظك خارج حرمها، فتظل تنتظر داخل سيارتك تتأمل الشارع المبتهج، ترنو إليه بعين كسيرة تود لو أنه يجيبك، لماذا لا تفسح البهجة لك مكانا في محرابها؟، تشعر بوقتك يهدر ويعتريك الملل والضيق، فتلوم العيد، تحس بالعيد يتربص بك، كأنه ما جاء إلا ليستنزف أعصابك وهدوء نفسك، ليس إلا!!. الإعلانات التجارية في كل مكان تؤكد لك أن العيد موسم للبهجة، تتأمل الإعلانات المتناثرة من حولك، ملاهي الأطفال، مطاعم، زينات وحلوى، ألعاب، استراحات ومسابح ورحلات، عالم من الإغراء بما يبهج، تظل شاردا بفكرك تتأمل فيما حولك لا تدري أيهما أكثر ابتهاجا بالعيد أصجاب الإعلانات أم المأخوذون بها؟؟. ما تدريه هو أن الكبار في العيد يقعون صيدا سهلا في فخ الإعلانات، فالإعلانات تتلألأ أمام أعين الصغار، تأخذ بلبهم تغريهم، وحين يقبلون عليك مغردين بتوسلاتهم وابتساماتهم الفرحة، تجد نفسك مستسلما لا تملك قذف كلمة « لا » في وجوههم، فتمضي تحقق رغباتهم متنقلين من إعلان لآخر حتى ينهك جيبك كما أنهكت قدمك .. وحين تقف لتلتقط أنفاسك تفاجأ بعثورك على البهجة الهاربة منك مختبئة داخل بؤبؤ العيون الصغيرة من حولك، فما تلبث أن تبتسم وأنت ترى البهجة تتسرب من تلك العيون البريئة لتتسلل داخل روحك. فاكس: 4555382-1