ها هو العيد أقبل علينا وأشرقت شمسه، عيد الفطر المبارك أحد العيدين اللذين شرعهما الله تعالى للمسلمين. قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «قدمت عليكم ولكم يومان تلعبون فيهما وإن الله قد أبدلكم يومين خيرا منهما: يوم الفطر ويوم النحر» صححه الألباني. أيام العيد يستشعر فيها المسلم فرحة الفطر وقد عاش شهرا كاملا يكابد الجوع والعطش، يعيش الواحد منا لحظات العيد الأولى بكل بهجة وفرحة، يعيش لحظة من الزمن يريد كل من عاشها أن يقف الزمن عندها وتراوح شمس أصيل ذلك اليوم مكانها ولا تبرح كبد السماء، كيف لا وقد لبس كل واحد أجمل حلة وأبهى ما لدية من لباس وأزكى ما عنده من أعطار الأزهار، وقد التف حوله أبناؤه الكبار منهم والصغار، تحفهم نسمات المودة وتداعب شفاههم ابتسامات العيد، يجوب بهم طرقات الحي يعايد هذا وذاك والكل في غمرة الفرح والابتهاج .. خاصة الصغار فلوقع العيد على نفوسهم نغمة تطرب آذانهم ويسعدون بكل مراسم العيد بنفوس بريئة صادقة، صورة تلتقطها عدسة اللحظة وتضيئها فلاشات السعادة، صورة اكتملت كل جوانبها وبانت كل معالمها .. وهناك على الطرف الآخر هناك خارج برواز الصورة الأولى وغير بعيد عنها مكانيا هناك من يمد يده لينال طرفا من الصورة المخملية والرسمة المثالية للحياة الرغيدة والعيش الهانئ .. هناك من يكابد العوز والحاجة، هناك من يحلم بثوب جديد .. ويغط يحلم بليل عيد سعيد ولسان حالهم يقول كما قال المتنبي: ترى الخلائق يوم العيد باسمة ونحن نبكي وكف الشر ممدود ترى الدموع لها في العين رقرقة وفي الخدود وقد شقت أخاديد نستقبل العيد في خوف وفي حزن وفي الفيافي لنا بؤس وتشريد ويبقى بين هذا وذاك من تعيش سعادته في قلبه وبين جنبات ذاته، فالفرحة الحقة والبهجة الصادقة تكون في رضى الله تعالى فبها تسعد النفس وتبتهج السرائر ويصفو العيش وتتربع السعادة على عتبات القلوب في كل لحظة وبكل مكان .. دخلت بنات خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز عليه في ليلة العيد، وقلن له: يا أمير المؤمنين، العيد غدا، وليس عندنا ثياب جديدة نلبسها بناته يوم العيد لا يجدن ثيابا يلبسنها ، فماذا كان رد أمير المؤمنين عليهِن؟ نظر إليهن، وقال: يا بناتي، ليس العيد من لبس الجديد، إنما العيد لمن خاف يوم الوعيد. يجمع الكل ويتفق كل أطياف وشرائح المجتمع أن العيد اليوم ليس له حلاوة العيد في الماضي ولا ترقى فيه البهجة إلى ما كانت ترقى إليه. فلا أدري هل خلل في سلوكيات الناس واختلاف في عاداتهم أم هي الأيام اختلفت. ياسر أحمد اليوبي مستورة