يوم الاثنين 22/11/1433ه قرأت في هذه الجريدة للكاتب الأستاذ محمد سليمان الأحيدب تحت عنوان (تجارة الكلى.. مجلس الوزراء كان فطنا.. ولكن)، ذكر الأستاذ محمد عن شكوى مواطن اتهم من أسماهم بعصابة قامت بشراء كلية ابن المواطن مقابل مبلغ مالي، وذكر الكاتب أن بائع كليته مدمن مخدرات. هذا الخبر يظهر أن في مجتمعنا تجار (قطع غيار بشرية) من كلى وكبد وقلب وقرنية وتبرع الدم... إلخ، تشتري وتبيع بأسعار تتفق مع قانون التجارة (العرض والطلب). وهنا أود أن أوضح للقراء قوانين ونظم زراعة الأعضاء البشرية في دول العالم الأول مثل دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية لأن زراعة أعضاء الإنسان ليس (قطع غيار بشرية) حيث يعتبر التبرع بالأعضاء هو من الأعمال القائمة في سبيل الخير لأنها من قبيل العطاء دون مقابل وتفضيل الغير على النفس، فتغدو من أجمل الأفعال التي يقوم بها الإنسان في سبيل الخير. ومشروعية التبرع مستمدة أساسا من تعاليم ومبادئ الديانات السماوية، إذ شرع الله التبرع لما فيه من تأليف بين القلوب وتوثيق المحبة بين الناس، حيث تدعو جميع الكتب السماوية إلى المحبة والعطاء. ونظرا لخطورة التبرع وأهميته بين الناس، وضعت القواعد والقوانين المنظمة له. ولقد تم تنظيم عدة مؤتمرات دولية تتعلق بموضوع التعامل بالأعضاء البشرية وتهدف لمحاربة الإتجار بها. وفي هذا الإطار أعلنت لجنة تعليمات جمعية نقل الأعضاء في منظمة الصحة العالمية، سنة 1970م، بأن بيع أعضاء المتبرع الحي أو الميت غير مقبولة مهما كانت الظروف. وفي عام 1978م صدر عن المجلس الأوروبي القرار رقم 29 المتعلق بتنسيق تشريعات الدول الأوروبية الأعضاء بشأن اقتطاع وزرع مواد حيوية ذات أصل إنساني. وأوجب القرار أن يكون التنازل مجانيا (أكرر مجانيا) في كل ما يتعلق بجوهر الإنسان. وفي العام 1985م أدانت الجمعية الطبية العالمية للصحة شراء وبيع الأعضاء القابلة للزرع، حيث ساد انتقال الكلى من الدول النامية الفقيرة لبيعها في الغنية. وقد صدر عن الجمعية نفسها قرار آخر عام 1989م منع بموجبه استغلال البؤس والشقاء الإنساني، خصوصا لدى الأطفال والأقليات الضعيفة الأخرى، وشجع على تطبيق المبادئ الأخلاقية التي تستنكر بيع الأعضاء البشرية من أجل الزرع. بتاريخ 1987م حظر المجلس الأوروبي لوزراء الصحة الأوروبيين الإتجار بالأعضاء البشرية وشدد على منع التنازل عن أي عضو بشري لدوافع مادية، سواء أكان ذلك من قبل منظمة أو بنك للأعضاء أو مؤسسة أو من قبل الأفراد. كما نصت المادة الثانية من مشروع القانون العربي الموحد لعمليات زراعة الأعضاء البشرية المقترح من اللجنة الفنية في مجلس وزراء الصحة العرب بجلسته المنعقدة عام 1986م، على أنه يجوز للشخص أن يتبرع أو يوصي بأحد أعضاء جسمه بشرط أن يكون دون مقابل. ويشترط في المتبرع أو الموصي أن يكون كامل الأهلية قانونا وأن يكون التبرع (أو الوصية) صادرا بموجب إقرار كتابي موقع منه بذلك. كما نصت المادة الثالثة من المشروع نفسه على أنه لا يجوز نقل عضو من أعضاء الجسم إذا كان هو العضو الأساسي في الحياة، حتى ولو كان ذلك بموافقة المتبرع. أسأل الله أن نكتفي شر أنفسنا من بيع أعضائنا لكي لا تصبح (قطع غيار بشرية). للتواصل (فاكس 6079343)