ليس بالمال وحده يرتفع مقام الإنسان ويصبح في عشيرته صاحب جاه ووجاهة، وإنما بالكرم والعفو عند المقدرة والعطاء يسود الإنسان الآخرين بمن فيهم الخصوم، من ذلك أنه كان لعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما مزرعة في المدينةالمنورة مجاورة لمزرعة يمتلكها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما وفي ذات يوم دخل عمال مزرعة معاوية إلى مزرعة ابن الزبير، فغضب ابن الزبير وكتب لمعاوية في دمشق، وقد كانت بينهما عداوة: من عبد الله بن الزبير إلى معاوية ابن هند آكلة الأكباد أما بعد: فإن عمالك دخلوا إلى مزرعتي فمرهم بالخروج منها، أو فوالذي لا إله إلا هو ليكونن لي معك شأن. فوصلت الرسالة لمعاوية وكان من أحلم الناس فقرأها، ثم قال لابنه يزيد : ما رأيك في ابن الزبير أرسل لي يهددني؟، فقال له ابنه يزيد : أرسل له جيشا أوله عنده وآخره عندك يأتيك برأسه. فقال معاوية : بل خير من ذلك زكاة وأقرب رحما. فكتب رسالة إلى عبد الله بن الزبير يقول فيها: من معاوية بن أبي سفيان إلى عبد الله بن الزبير ابن أسماء ذات النطاقين أما بعد : فوالله لو كانت الدنيا بيني وبينك لسلمتها إليك.. ولو كانت مزرعتي من المدينة إلى دمشق لدفعتها إليك.. فإذا وصلك كتابي هذا فخذ مزرعتي إلى مزرعتك وعمالي إلى عمالك.. فإن جنة الله عرضها السماوات والأرض. فلما قرأ ابن الزبير الرسالة بكى حتى بلها بالدموع وسافر إلى معاوية في دمشق وقبل رأسه وقال له : لا أعدمك الله حلما أحلك في قريش هذا المحل. فالحلم سيد صفات الرجال، به يسود المرء، وبه ينال خيري الدنيا والآخرة. وليس من رجل جانبه الحلم إلا طغت على قراراته العجلة والانفعال والخطأ. وآثار السلف في الإيثار وبذل الخير في سبيل الله كثيرة منها مارواه الشيخان بنصه : نزل بالرسول صلى الله عليه وسلم ضيف فلم يجد عند أهله شيئا فدخل عليه رجل من الأنصار هو أبو طلحة زيد بن سهل فذهب به إلى أهله فوضع بين يديه الطعام وأمر امرأته بإطفاء السراج فقامت كأنها تصلحه فأطفأته وجعل يمد يده إلى الطعام كأنه يأكل ولا يأكل حتى أكل الضيف الطعام وبقي هو وعياله مجهودين فلما أصبح قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد عجب الله عز وجل من صنيعكم الليلة إلى ضيفكم. ونزلت: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة). للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 158 مسافة ثم الرسالة