يشبه الهدير المزعج، الذي يخترق أسماعنا وأعماقنا، ويقتلع الطمأنينة من قلوبنا، وذلك فقط عندما تنبعث الحقائق مع هذا الصرير هادرة، ذلك أن هذه الحقائق توقظ فينا الواقع الذي نحياه لنتذكر فجأة أننا أحياء، ثمة صرير يتعالى هنا، مع خطوات قلم بطيئة ثقيلة، يخط أنينا وحنينا، أنين دفين حيث لا فرصة ولا أمل، وحنين لذلك الشيء الذي كان حلما وابتعد، أليس من حق كل واحد منا فرصة؟ أن يعطى فرصة؟ الآخر، هذا الوصولي الذي يفكر فقط كيف يصل عن طريقك، يجعل من وجودك سلما يتسلقه ليصل واضعا قدميه على كتفيك! ولا يترك لك فرصة، يأخذ منك ولا يعطيك، لطالما انتظرت وغيرت الزمان والمكان ولكن حلمك اليتيم لم يتغير، ويا ليته يتغير أو يموت، حتى لا يشعر أحد ممن حولك أنك تسلبه أنفاس الحياة !! أمن الضروري أن تدمي الحقيقة قلوبنا، وتغيب عقولنا، وتحرق نفوسنا، حتى تشحذ أقلامنا فيأتي صريرها نشيجا مرا ؟ وأية حقيقة ؟! لا فرصة لك، ليس لديك أية فرصة بيننا هنا!!! أنت لست صاحب مكان هنا، أحقا؟ نعم صحيح عندما تكون صاحب المكان، تكون الفرصة لك، يوما ما كنت صاحب المكان ولم تكن الفرصة لي، وغادرت المكان الذي بقي ساكنا في عمق الجنان، لا يغادرني، لأصنع الفرصة، الكعكة التي ظفر بها يتيم بائس عند المساء، في يوم بارد وماطر، لكنه لم يفرح بها، ذلك أن ذئابا فاجؤوه، انهالوا عليه، دافع هو عن حلمه الوحيد، لكنهم رموا الكعكة أرضا فتحطمت وداسوها وهربوا هازئين، لملم البائس فتات حلمه المتسخ، عله يستعيده للحظة، وراح يتأمل بقايا الحلم متى تجف وتتماسك، لكن الفرصة انكسرت وضاعت، لم يعطوه الفرصة ليفرح، ماذا سيفعل في ليل طويل قارس، من دون وميض أمل دافئ؟ لقد انزوى الحلم بعيدا، في عتمة انتظار طويل صامت. غادة أحمد الشريف