قال الاستاذ محمد بن ابراهيم بن عبدالعزيز الملحم المدير العام للتربية والتعليم للبنات بالأحساء قصيدة رثاء بوالده عليه رحمة الله حيث قال : عبر سنوات الألم والمرض والفراش الذي لازم والدي تعلمت معان عديدة أولها الإيمان وآخرها الحب... الحب الذي تعلمته منه من صلته رحمه في صغري، ومن مرضه في كبري، من ألمه، من فقد ذاكرته، ومن عودتها، من فقده القدرة على المشي، ومن عودتها، ليعود كطفل صغير يتعلم المشي، ثم يعود بعد فترة وجيزة ليفقده... من تردده على العناية المركزة، ليعتني الكل به كطفل صغير أيضا... "ومن نعمره ننكسه في الخلق" ثم لأتردد عليه في آخر مآسيه المرضية بالعناية المركزة أصبره وأدعو له وأنا أشاهد آلامه وأوجاعه الجسدية والنفسية حتى يلقى ربه طاهرا مطهرا إن شاء الله. ألهمني الحب على مهل وعلى أنغام الأوجاع= علِّمني كيف نسائمه تتخلل أعماق صراعي= علِّمني كي أتشرّبه ويعالج روحي وصداعي= أبتِ يا شاطئ أحلامي وسفينة بحري ومتاعي= أهفو لحنانك ممتلئا بالبسمة ترجو إمتاعي= أهفو لمزاحك لي طفلا ونشيد يطرب سجّاعٍ= وقروش كنت تروم بها إسكات نشيجي إقناعي= ودروب كانت تحضننا لتسير بها كالإشعاع= لتبرَّ بها أرحامك أو من كنت لهم بالإرضاع= لتساعد فيها عاجزة وكفيفا كهلا متداعِِ= أهفو للقرآن شجيا في "المسجد " عبر المذياع= وصلاة قد ملئت عمري حفظتني من شر أفاعي= ومجالس ختم القرآن أنت لها أعظم طماع= ودروس الذكر مشائخِها يسّرت لهم كل مساعي= أهفو لدقائق قد سطعت كوميض البرق اللماع= يتسلق طفل أكتافا وتلاعبه كل ذراع= ويمازح رأسا مفعمة بفكاهة شيخ زرّاع= وتضم الصدر طفولتُه وتقبل كل الأضلاع= وأحب كلاما تسكبه كالحكمة يملأ أسماعي= وأحن إلى عطفك نحوي كحنين الصبِّ الملتاع= كم كنت تداعب إعجابي بعطاء جاوز إشباعي= كم كنت كريما يغمرني من جودك كل الأنواع= كم كنت تربي في نفسي أجمل أخلاق وطباع= كم أنت عظيم في صمتكْ وبصمتك كل الإبداع= وبذكرك لله دروس وإلى ترك الغيبةداع = وقيام كنت تواصله ودعاء يطرق أسماعي= وأذانك للفجر الأول وعلى الضعفا كنت الساعي= وبوصلك للرحم بحار ستحير سفني وشراعي= كم أنت عظيم بكفاح لن تسرده كل رقاعي= أسطورة عمر ضوّاع قد خُتِمَتْ من غير وداع= وأتت للعمر مصائبه تنسج ألامُك آلامي= تتقدم دون مقدمة وتحللني من إحرامي= وتخدر كل مطامحنا وتجمدني في أيامي= كم كنت أؤمل أن أمضي وأحقق نحوك أحلامي= كم كنت أرجِّي أفراحا أطلقها من دون زمام= أجعلها في عينك جفنا ولقلبك تِرْياقَ سقام= ولشمك فُلاًّ تعشقُه ولأذنك إنشاد غرام= كم كنت أرجّي أن أبدع لهنائك لوحة رسام= وأفصل ثوبا من كل ال أفراح طويل الأكمام= يختال بياضا من فرح ويغني تغريد حمام= يسمو بك في كل سماء كنجوم الأفْق المترامي= أجعله في الليل خيالا وبيومك ساعات وئام= وأصوغ لك الدنيا عطرا يسري في كل الأنسام= وأغير وجه العالم عن دك أمحو ذكرى الآلام= أجعلك تنادي أياما تاهت في بحر الأعوام:= "هذي أيامي قد ضحِكَتْ وأتت بهدوء وسلام"= كم كنت أؤمل بأمانٍ في أقصى الأعماق عظام= لكني أصبحت حبيسًا لذهولي والزمن الظامي= لمآسٍ سلبت أحلامي وأحالتها كالأوهام= لمآسٍ فيك تعذبني وتغوص إلى مخ عظامي= لمآسٍ جعلتك طريحاً لفراش الداء وأسقام= نتأمل في كل صباح أن يعبر يومُك بسلام= نتأمل أن ترجع فينا بصلاة ودوامِ صيام= أصبحت أبي قاع سراب والرمل يعرقل أقدامي= أصبحت بقية إعصار يتناثر من دون نظام= لا أدري كيف أصوغ غدي وورائي أمسُكَ وأمامي= وبدت أقلامي عاجزة أن تمسح بعض الآلام= واليوم أراك تودعني وتكسّر كلَّ الأقلام= وتعلمني درس الدنيا من دون خطابٍ وكلامِ= لأظل هنا أنشد وحدي أنشودة حزن وظلامِ=