اعتبرت وزيرة حقوق الإنسان اليمنية حورية مشهور أن الحوار الوطني سيؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ اليمن، مؤكدة أنه مهما كانت التحديات لا خيار أمام اليمنيين غير التحاور والتفاهم وإنهاء الخلافات، واتهمت مشهور في حوار مع «عكاظ» الرئيس السابق علي عبدالله صالح بالسعي لتعطيل المرحلة الانتقالية وإرباك حكومة الوفاق لإعطاء الانطباع بأن فترة حكمه كانت أفضل. ورأت أن الحصانة لا تحجبه عن المساءلة في الحقوق المدنية. وعن قضية الجنوب قالت إن الجنوبيين ليسوا في حاجة لاعتذار لفظي بل لاعتذار إجرائي يستند على تصحيح الإجراءات الخاطئة التي تمت في الفترة الماضية وإعادة الحقوق إلى أصحابها. وفيما يلي ما دار في الحوار: إلى أين وصل تنفيذ المبادرة الخليجية، حسب تقييمكم؟ لا شك في أن نجاحات حقيقية ملموسة تحققت على أرض الواقع، بالنظر إلى صعوبات وتعقيدات المرحلة التي نمر بها. وفي مقدمة هذه النجاحات تشكيل حكومة الوفاق الوطني واللجنة العسكرية الأمنية وإجراء الانتخابات الرئاسية وتحسن الوضع الأمني بصورة ملموسة رغم الاختراقات هنا أو هناك، اضافة الى تطور نسبي في معيشة السكان، تمثل في تحسن خدمات الكهرباء واستقرار أسعار الوقود واستئناف الحياة الطبيعية للناس بعد أن كانت تعطلت المصالح والأعمال وتوقفت الجامعات والمدارس وتدنت خدمات الصحة وغادر البعض إلى الخارج ونزح آخرون من مناطق المواجهات المسلحة إلى مناطق أخرى مجاورة. وباختصار فإن الأمور تتحسن وتتم الآن التحضيرات للحوار الوطني الشامل الذي سيؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ اليمن الحديث. لكن هناك جهات يمنية بينها الرئيس السابق صالح تقلل من إنجازات حكومة الوفاق، فما ردكم عليها؟ هذا أمر متوقع من هؤلاء، فهم يذهبون إلى ما هو أبعد من ذلك بمحاولات مستمرة وحثيثة لتعطيل وإرباك حكومة الوفاق ليعطوا الانطباع بأن فترة حكمهم كانت أفضل. وبصورة غير منطقية يريدوننا أن نصلح في بضعة شهور ما أفسدوه خلال أكثر من ثلاثة عقود. والمسؤولية الأخلاقية تحتم عليهم الآن على أقل تقدير أن يكفوا أذاهم عن الحكومة ويدعوها تنفذ برنامجها لإنقاذ البلاد التي تدهورت أوضاعها بفعل سياساتهم الخاطئة، والمتضرر الأول من هذه المماحكة هو المواطن اليمني الذي تحمل الكثير من التضحيات والمشقات وآن الأوان أن يحصل على الأمن والأمان والاستقرار ويتحسن مستواه المعيشي ويتمتع بحقوقه الإنسانية الأساسية. ترى قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام أن الرئيس السابق صالح لم ينتهك قانون الحصانة، كون جميع القيادات السياسية التي عملت معه لا تزال تمارس عملها وترفض التخلي عن العمل السياسي، فما تعليقكم؟ القيادات السياسية السابقة تعمل في إطار تسوية سياسية ضمن اتفاقية الوفاق الوطني المتمثلة في المبادرة الخليجية. ولا يرى المواطنون مشكلة في التعامل مع كثيرين منها. أما الرئيس السابق علي صالح فإن الحصانة أعطيت له لقاء التسليم السلمي للسلطة، وهو يتحمل المسؤولية عن الفترة السابقة، لأنه كان صاحب القرار الأول والأخير، ليس فقط في القضايا العامة والاستراتيجية، بل كان يتدخل في التفاصيل التي هي من اختصاص المؤسسات ويتطلب اتخاذ القرارات فيها رأيا فنيا لا قرار سياسيا. والمتغير الآخر الذي ينبغي أن يكون حاضرا في أذهان الجميع هو أنه الى جانب التسوية السياسية كان وما زال هناك مسار ثوري يتفاعل ويتصاعد ضد صالح ونظام حكمه وأفضى في ثلاث دول عربية أخرى إلى إزاحة حكامها، بينما حصل هو وأركان نظامه على فرصة لم يحظ بها الآخرون الذين كان مصيرهم الهرب أو السجن أو القتل. وبدلا من أن يستمر في محاولات تعطيل المرحلة الانتقالية كان عليه أن يغتنم الفرصة ويستفيد منها ويحمد الله على نبل الشعب اليمني وكرمه ودعم الأشقاء والأصدقاء الذين ساهموا في رعاية هذه التسوية والتزموا بدعمها. وأعتقد أن الجميع متفقون بما في ذلك قيادات من المؤتمر الشعبي العام على أنه ومن خلال تجارب سابقة كثيرة يصعب العمل مع الرئيس السابق علي صالح. في ظل عدم الالتزام بمضامين قانون الحصانة، كيف ترون إمكانية تنفيذ قانون العدالة الانتقالية؟ القانون سيصدر وسيجري إنفاذه. وإذا كان التنازل عن حقوق عامة ممكنا بحكم قانون الحصانة الذي فرضته التسوية السياسية فإن الحقوق المدنية الخاصة للضحايا ستظل محفوظة ويمكنهم إذا لم يشعروا بالإنصاف من خلال قانون العدالة الانتقالية أن يلجأوا للعدالة الجنائية. كيف ستتعامل وزارة حقوق الإنسان مع قانوني الحصانة والعدالة الانتقالية، خاصة أن هناك جرائم حدثت خلال العام الماضي ويطالب شباب الساحات بالتحقيق فيها؟ قانون العدالة الانتقالية يشجع على المصالحة الوطنية، ومن خلاله ستنشأ لجان للحقيقة والمصالحة مقابل إقرار الأطراف التي مارست الانتهاكات بأخطائها والتزامها بعدم تكرارها والاعتذار للضحايا، وهذا يشجع الضحايا أو أسرهم على العفو والمسامحة والمصالحة، ويغطي قانون العدالة الانتقالية فترة حكم المشمولين بالحصانة. وهناك مسار آخر يتمثل في تشكيل لجنة تحقيق في انتهاكات عام 2011 لجسامتها وسقوط ضحايا كثر خلالها، كما أنها خلفت دمارا كبيرا للمنشآت المدنية المهمة في مناطق عدة مثل صنعاء وتعز وعدن وغيرها. ما هي إمكانية إقامة الحوار الوطني في اليمن في ظل تصاعد الاغتيالات والانفلات الأمني حتى داخل العاصمة صنعاء؟ جهود تحقيق وتثبيت الأمن تسير بصورة متزامنة مع جهود تنظيم الحوار الوطني الذي من شأنه تعزيز فرص تحقيق الأمن وتقليل حاجة البعض للجوء للعنف. فمهما كانت التحديات لا خيار أمام اليمنيين إلا التحاور والتفاهم، إذ أن استمرار دوامة العنف والصراع سيفضي إلى كارثة محققة، الجميع فيها خاسرون وليس فيها غالب أو مغلوب. هل قبلت الحكومة اليمنية بتصورات ورؤية اللجنة التحضيرية للحوار الوطني بضرورة الاعتذار للجنوب؟ حتى الآن ليس هناك موقف معلن للحكومة اليمنية في هذا الشأن، لكنني لا أشك في أنها لن تألوا جهدا في أن تخطو أية خطوة تصب في مصلحة الوطن وأمنه واستقراره والحفاظ على وحدته. والجنوبيون ليسوا في حاجة لاعتذار لفظي وإنما اعتذار إجرائي يستند على تصحيح كل الإجراءات الخاطئة التي تمت في الفترة الماضية وإعادة الحقوق إلى أصحابها والمشاركة الكاملة في القرار. وفي رأيي إن إجراءات المرحلة الانتقالية تهيئ وتمهد لمعالجة حقيقية للقضية الجنوبية وستتضح المسألة أكثر في الحوار الوطني بإجراءات دستورية تحدد الحلول والمعالجات. ما هي أولويات حكومة الوفاق الوطني للمرحلة المقبلة بعد النجاحات التي حققها مؤتمر المانحين في الرياض؟ أولوياتنا حسب توجيهات رئيس الحكومة هي أن نرفع مستوى الاستعداد والجاهزية لتنفيذ برنامجها. وأن تكون لدينا المقدرات الوطنية العالية لاستيعاب هذا الدعم وإدارته واستخدامه استخداما رشيدا متجاوزين كل أخطاء الماضي التي أهدرت كثيرا من فرص الدعم وضيعت على المواطن اليمني فرص الاستفادة منه. ويتطلب ذلك آليات مراقبة وتقييم فاعلة من قبل الحكومة والمانحين. ومن الممكن تحسين الرقابة الشعبية لتشارك بصورة فعلية في هذا الشأن. والشفافية مطلوبة في الإعلان عن هذا الدعم وأوجه إنفاقه، ففي السابق كنا نسمع عن دعم وأرقام فلكية لكن لا تتضح أوجه إنفاقه. كيف تنظرون إلى واقع حقوق الإنسان في اليمن؟ للأسف هناك عوائق كثيرة تحول دون تمتع الإنسان اليمني بحقوقة الأساسية. ومنها عوائق مؤسسية وهيكلية وأخرى مرتبطة بالفقر، وبالمواطن البسيط وعدم معرفته بما له من حقوق وما عليه من التزامات. هناك اتهامات لدول أجنبية بارتكاب مخالفات حقوقية وإنسانية وقتل العشرات من اليمنيين في رداع وشبوة وحضرموت، فما هو موقفكم إزاء ذلك؟ لا بد من تطبيق النظام والقانون والالتزام بالمعايير الدولية في مكافحة الإرهاب وتجنب وقوع ضحايا بين المدنيين الأبرياء. كيف تنظرون إلى المطالب بالتمديد للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي لأربع سنوات مقبلة؟ الرئيس هادي وضح هذه المسألة بنفسه، وقال «لا تمديد». وبموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية جميعنا محكومون بفترة انتقالية لمدة عامين تنتهي في فبراير 2014. وإذا أراد الرئيس أن يخوض غمار التنافس على الرئاسة في ذلك التاريخ فليكن. والجميع في الحكومة والرئاسة والشعب اليمني عامة متفقون على مبادئ الحكم الرشيد والنظام والقانون وخلق التوازن بين مختلف سلطات الدولة. كيف تنظرون للتدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي اليمني وآثار ذلك على استقرار اليمن؟ نحن نرفض التدخلات الإيرانية في الشأن اليمني ولن نسمح بذلك إطلاقا.