غادر الرئيس اليمني علي عبد الله صالح مساء أمس العاصمة اليمنية صنعاء متوجهاً إلى الولاياتالمتحدة الأميركية في رحلة علاجية، بعد يوم من إقرار مجلس النواب اليمني قانوناً يمنحه الحصانة الكاملة من أي ملاحقات قانونية وقضائية، ويمنح كل من عمل معه خلال فترة حكمه حصانة «جزئية». ووجه صالح قبيل مغادرته حديثاً عبر قنوات التلفزيون اليمني ربما يكون الأخير له كرئيس للبلاد قدم فيه اعتذاراً للشعب اليمني، وطلب منه العفو عن أي تقصير بدر منه خلال حكمه الذي استمر 33 عاماً، وقال «اشكر شعبنا رجالاً ونساء على المواقف الصادقة وعلى ما تحمله خلال 11 شهراً من جوع وانقطاع للكهرباء ونقص في الخدمات ومن أشياء كثيرة، وأحيي هذا الشعب الصامد، الشعب البطل، الشعب المناضل، شعب سبتمبر وأكتوبر، وأطلب العفو من كل أبناء وطني رجالاً ونساء عن أي تقصير حدث أثناء فترة ولايتي ال33 سنة، وأطلب المسامحة وأقدم الاعتذار لكل المواطنين اليمنيين واليمنيات، وعلينا الآن أن نهتم بشهدائنا وجرحانا». وكان الرئيس صالح أصدر مرسوماً رئاسياً أمس بترقية نائبه عبد ربه منصور هادي من رتبة فريق إلى رتبة مشير بعد ساعات على إصدار هادي قراراً رئاسياً بالمصادقة على «قانون الحصانة» للرئيس ومعاونيه. وأكد انه سيعود إلى اليمن لممارسة العمل السياسي بصفته رئيساً لحزب «المؤتمر الشعبي العام» الذي أسسه قبل نحو 30 عاماً. وفي حين بات مؤكداً أن هادي هو الرئيس المقبل لليمن بناء على تزكيته من الموالاة والمعارضة مرشحاً توافقياً للانتخابات الرئاسية المبكرة المقررة في 21 الشهر المقبل، فإن ترقيته إلى رتبة مشير كانت آخر القرارات التي يصدرها صالح بصفته رئيساً للبلاد. ونقلت «وكالة الأنباء اليمنية» عن صالح قوله في حضور نائبه هادي خلال اجتماع لقيادات «المؤتمر» انه دعا جميع الأطراف إلى «فتح صفحة جديدة من المصالحة والمصارحة، ما عدا ما يخص جانب الإرهاب، في إطار مؤتمر وطني عام ليتصالح الناس وتنتهي المظاهر المسلحة وتفتح الطرق وتنتهي المظاهر العسكرية والميليشيات ونبني يمناً جديداً، ولترميم ما خلفته شهور الأزمة في البلاد من دمار على مختلف الأصعدة، وبما يخدم مصالح الوطن ويدفع به إلى تجاوز عثراته». وتحدث صالح عن أبرز محطات حكمه لليمن والإنجازات التي تحققت في عهده، وفي مقدمها الوحدة اليمنية منتصف العام 1990، وقال: «أقول بهذه المناسبة وأنا وقعت على رحيلي من رأس السلطة في الرياض وأوكلت كل صلاحياتي إلى نائب الرئيس الدستوري الذي يتحمل المسؤولية حتى يتم انتخابه، وأدعو كل أبناء الوطن إلى الالتفاف حوله والتعاون معه ومع حكومة الوفاق من اجل مصلحة الوطن». إلى ذلك خرج أمس عشرات الآلاف من اليمنيين امس في تظاهرة في صنعاء تعبيراً عن رفضهم منح صالح الحصانة، وطالبوا بمحاكمة الرئيس وكل المتورطين في جرائم قتل بحق المتظاهرين منذ بدء الاحتجاجات السلمية منتصف شباط (فبراير) من العام الماضي. وفي هذا السياق، أكد موفد الأممالمتحدة إلى اليمن جمال بن عمر أن مجلس الأمن يولي اهتماماً بالغاً للعملية الانتقالية ويرصد عن كثب التقدم المحرز في تنفيذ قراره الرقم 2014 في شأن التسوية السياسية للأزمة، وقال في مؤتمر صحافي قبل مغادرته صنعاء امس انه سيقدم تقريره إلى مجلس الأمن الأربعاء المقبل. ورغم إشادته بما حققته حكومة الوفاق واللجنة العسكرية من تقدم كبير منذ توقيع اتفاق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، إلا أن بن عمر وصف الوضع في اليمن بأنه لا يزال هشاً ويواجه تحديات كثيرة، إضافة إلى استمرار القتال في أنحاء مختلفة من البلاد، ما يزيد من تدهور الوضع الاقتصادي. ودعا حكومة الوفاق إلى الإسراع في تشكيل لجنتي التواصل والتفسير باعتبارهما من صميم ما نصت عليه الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية. كما دعا جميع الأطراف إلى اتخاذ التدابير الإضافية الضرورية لاستعادة السلم والاستقرار وعودة الأمور إلى طبيعتها والإحجام عن استخدام القوة ووقف كل الاستفزازات لتوفير المناخ المواتي للحوار السلمي، مشدداً على ضرورة بذل كل جهد ممكن لضمان إجراء الانتخابات في مناخ يتسم بالهدوء وخال من الخوف والاستفزاز والاضطراب.