احتفل اليمنيون بمرور خمسين عاما على قيام ثورة 26 سبتمبر، وهي الثورة التي خرجت من رحم حاجة الإنسان اليمني للحرية والتنمية، بعد أن كان غارقا في الظلام والجهل والفقر والمرض، صحيح أن هذه الظواهر لاتزال قائمة رغم مرور هذه العقود الطويلة، لكنها كانت أكثر حدة وحضورا، وكانت جزءا من سياسة النظام في فرض واقع ظلامي أكثر عزلة في حياة اليمنيين. واليوم والثورة في يوبيلها الذهبي، مازال الواقع فيه من المرارة والعنف الكثير، وما زالت الحاجة قائمة لاستعادة قيم التغيير، ورفض كثير من السلبيات عبر تجديد روح التحولات عند اليمنيين الذين لايزالون يدفعون ثمن المناكفات السياسية بين الفرقاء، والتنمية مازالت شيئا بعيدا لا تصل إليه أيديهم، وتحضر الحرية لكن بأرجل عرجاء تستهدف النيل من الأمور الصغيرة، وجعل الواقع أكثر صخبا وضجيجا. إن قيم الثورة اليمنية هي قيم إنسانية في المقام الأول استهدفت إخراج اليمنيين من ربقة التخلف والجهل والمرض. واليوم هناك قوى حداثية تدعي ارتباطها بالعصر ما زالت تعمل على أن يظل اليمنيون في نفس الدائرة السلبية، بل عبر أساليب وآليات مختلفة.. في طليعة ذلك الفساد الذي ينخر في جسد الوطن ليحيله أشلاء مبعثرة، مع حضور ثقافة حمل السلاح بشكل خرافي، وغياب سلطة الدستور والقانون. على الجميع أن يعمل لاستعادة اليمن الذي نريد تأريخا وحضارة وقيما ووحدة وطنية ، وينبغي أن يكون الاحتفال هذا العام مختلفا، وأكثر عمقا ومكاشفة لتقييم هذه التجربة الذهبية، وتحديد مكامن الخلل في محطاتها السياسية والاجتماعية المختلفة، والاعتراف بالانحرافات التي حدثت عن جادة الأهداف والتضحيات.