تاريخ الشعوب ومحطاتها المضيئة وإنجازات روادها ومفاخر أوطانها تشكل صورتها في أعين الآخرين وتعبر عن روحها وحيويتها وتعكس قوة دوافع نهضتها، ولهذا تحتفي الأمم الحية برموزها وتستعيد ذكريات أمجادها في مواسم وأيام حتى تبقى قيمها ومبادئها حية نابضة موحية لأجيالها المتعاقبة، تبث فيهم أسباب القوة والمنعة. وحب الوطن غريزة إنسانية تزداد رسوخا ووهجا وتألقا حين تقوم على الاعتزاز بالمنجز والابتهاج بالحاضر والتطلع إلى المزيد من أسباب القوة والمنعة. واليوم يحتفل أبناء وبنات هذا الوطن بيومهم التاريخي رمزا لوحدتهم، بعد الفرقة والشتات، وصورة لواقعهم المزدهر، بعد زمن الحاجة ونقص الإمكانات، وشعارا لمستقبلهم الواعد بالمزيد من تحقيق التطلعات. فالحاضر يؤكد أن هذا الوطن للجميع، نهضته وعزته وثمراته، والمستقبل، بعد توفيق الله، بيد أبنائه وبناته، يحفظون المكتسبات ويصونون الوحدة ويصنعون بإرادتهم ما يحقق العيش الكريم في عصر لا مكان فيه للخاملين المتواكلين. والمواطن السعودي يعتز ويفخر بما تحقق من ترسيخ الوحدة وتعضيد قيمها وتعميق آثارها في النفوس من خلال بسط التنمية على امتداد تراب الوطن ونشر الأمن والاستقرار وحفظ الحقوق التي يزداد بها شعور الارتباط والإخلاص. وحين يحتفي المواطن بهذا اليوم ويظهر بهجته واعتزازه، فهو يعبر عن تقديره وإجلاله وامتنانه لما أنجزه مؤسس الوحدة والكيان الكبير الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه) وما حققه قادة البلاد من بعده من أعمال جليلة جعلت هذا الوطن يحتل موقع القيادة من دائرته العربية ومحور الاهتمام في محيطه الإسلامي والمشارك المحرك، بفاعلية، في الأسرة الإنسانية والمؤثر القوي في حركة الاقتصاد العالمي. وهذه الفرحة والبهجة التي تعم البلاد تستحضر، من ذاكرة الأجيال، القيم التي قامت عليها أواصر الوطن من روابط الوحدة والتمسك بالقيم الأصيلة وتعزيز الروابط الإنسانية التي تحترم الإنسان وتصون كرامته وتحفظ حقوقه. إن الاحتفاء بثمرات الاستقرار التي يقدرها الجميع هي انعكاس لآثار التنمية المتوازنة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله) وولي عهده رجل الدولة الخبير صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز (حفظه الله) الذي شهدت فيه المملكة قفزات نوعية عمت كل المجالات التنموية والحقوقية، فقد اتسعت دائرة مشاركة الناس في إدارة شؤون حياتهم وتحركت قافلة التطوير والتصحيح ومحاربة الفساد وتقدمت المرأة خطوات في اتجاه حقوقها. هذه المعاني والمفاهيم هي التي تتجلى في احتفالات المواطنين وتعكس وعيهم برمزية ودلالات اليوم الوطني وما يرسخه من مفاهيم تعزز وحدته وتبشر بمستقبله.