قبل أسابيع معدودة نشرت الصحف تقريرا مثيرا للاهتمام أشار إلى ارتفاع تضخم إيجار الشقق السكنية في المملكة إلى 132% خلال الفترة من يناير 2007 إلى يوليو 2012م، وهي النسبة التي تفوق بمعدل ثلاثة أضعاف تضخم تكاليف السكن في العالم. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن مباشرة: لماذا حدث هذا الأمر في المملكة دونا عن بقية دول العالم خاصة وأن التقرير ذهب إلى أبعد من ذلك، وأشار إلى أن تضخم الأسعار بالرياض بلغ 156%، وفي الدمام 142% وحائل 94%، في حين سجلت تبوك أدنى نسبة وصلت إلى 23% خلال فترة الخمس سنوات. وإذا كنا ندرك تماما حجم ما يمثله هذا المستوى الصاروخي للتضخم في الإيجارات من معاناة على أكثر من 60% من المواطنين الذين لايملكون مساكن، فإن الأمر من جهة أخرى يشير إلى جوانب خلل عديدة في منظومة الإسكان كان ينبغى تداركها مبكرا خاصة أن المملكة من أكثر الدول ارتفاعا في معدلات السكان بنسبة 3.2% سنويا، مع وجود 8 ملايين وافد أيضا يشكلون ضغطا كبيرا على المساكن وارتفاعا في الإيجارات. وقبل الخوض في الأسباب وتداعيات المشكلة ينبغى النظر إلى ظاهرتين واضحتين هما التمدد الأفقي للأحياء، ما أدى إلى توسع المدن بشكل كبير، وزيادة الإيجارات لتعويض التكاليف سريعا، الأمر الثاني هو عدم وجود آلية لتسعير إيجارات المساكن. ويبقى الأمر بصورة قاطعة معتمدا على مزاجية المالك ومدى تقديره للأمر، وليس آلية السوق ومعدلات الارتفاع التي ينبغي الالتزام بها كل عام أو عامين. وتبقى ثمة ملاحظة جديرة بالنقاش هي بقاء الكثير من الوحدات وخاصة التمليك مغلقة لضعف القدرة الشرائية للمواطنين وعدم قدرتهم على توفير مقدم الوحدة والذي لا يقل عن 6070 ألف ريال. وعلى الرغم من بعض التقارير الأخيرة التي تشير إلى بعض التباطؤ في ارتفاع إيجارات العقارات في ظل دخول الكثير من الوحدات إلى السوق، إلا أن الأمر لم ينعكس على الأسعار كثيرا رغم تقديرنا التام لوجود ارتفاعات في أسعار الأراضي ومواد البناء وأجور العمالة مما كان له أثر كبير في ارتفاع كلفة المباني. وإذا كان الحال كذلك فإن الأمر يحتاج ولاشك إلى دراسات مستقلة توضح أسباب الخلل الكبير في سوق الإسكان رغم الجهود الضخمة التي تبذلها الدولة سواء على صعيد التمويل أو توفير ملايين الأمتار السكنية لبناء مساكن بأسعار معتدلة. وفي الأسبوع المقبل إن شاء الله نخوض في المزيد من الأسباب التي أدت إلى التضخم الجنوني في الإيجارات. * رئيس طائفة العقار في جدة.