احتضنت مدينة الرياض المؤتمر الدولي لأنماط الحياة الصحية والأمراض غير السارية في العالم العربي والشرق الأوسط، مثل السمنة والسكري وما شابههما من هذه النوعية من الأمراض، وبعيدا عن تفاصيل المؤتمر وفعالياته وتوصياته، لفت انتباهي التعاون والحرص الشديد على المشاركة من جانب العديد من الوزرات داخل المملكة وخارجها، وامتد الأمر لوجود ممثلين لجامعة الدول العربية، بالإضافة لمندوب من الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا). ليس العجب في هذا الجمع غير المتناغم، من حيث تنوع التخصصات، ولكن العجب الأكبر كان بسبب روح الفريق التي كان يعمل بها الجميع، بداية من الوزراء، وصولا إلى القائمين على تنظيم فعاليات المؤتمر، تلك الروح التي نفتقدها في مجتمعاتنا العربية بشكل عام، وتعتبر علامة فارقة بين العمل في دولنا العربية والعمل في الدول الغربية أو الأمريكية، حيث يعتقد الشخص في دولنا العربية وبمجرد جلوسه على الكرسي السحري كمسؤول أو مدير أنه يستطيع فعل كل شيء بمفرده لينسب كل شيء لذاته، متجاهلا كل من عمل معه، وكأنه أصيب بمرض التوحد، مع العلم أن النجاح نتاج عمل جماعي قد يحصد ثمرته شخص واحد، ولكنه لم يكن ليصل لهذا النجاح بدون العاملين معه، كما هو الحال في فريق كرة القدم من يسجل الأهداف قد يكون الأكثر شهرة، ولكنه لن يستطيع التسجيل دون معاونة الفريق كله، سواء داخل الملعب أو خارجه. فالعمل الجماعي هو منطقة سطوع الإبداع وإبراز الموهبة. نعم، لدينا مبدعون وموهوبون، ولكن افتقارنا للعمل الجماعي وتغليب حب الذات على المصلحة العامة يجعلنا نعمل منفردين ولا نصل إلى الهدف، بينما تظهر إبداعاتنا وموهبتنا عندما نعمل في الخارج؛ بسبب اندماجنا في مجموعة نعمل من خلالها لنصل لهدف عام وكبير، فالفرد هو وحدة الجماعة.. والجماعة هي كيان الفرد. وقد حزنت بسبب حبنا للفردية، وفرحت عندما وجدت بصيصا من الأمل في فعاليات هذا المؤتمر. فالحزن مع الجماعة فرحة كما كتب الأستاذ ياسر حارب في أحد كتبه.